أشباح حياة.

555

ريمة خطاب | شبكة مراسلي ريف دمشق
كنت في مركز التدريب أقوم على تدريب مجموعة من الشباب والبنات على الحاسوب حين اقتحم المركز الكثير من عساكر النظام.
حلّق الخوف فوق رؤوسنا جميعاً وتيبست أطرافنا، فمنظر الأسلحة المسددة نحونا كان مرعباً لدرجة الموت.
وقف الضابط على الباب وصاح:
من عليا أبو عمر؟ اتجهت أنظار الجميع نحوي، فكانت تلك النظرات جواباً على سؤاله. أسرع نحوي وأمسك بيدي، وراح يشدني خارج الغرفة وتبعه عناصره، وتتبعنا نظرات الحاضرين بحزنٍ وأسىً عاجزين عن فعل أي شيء لهذا التنين المغتصب.

بعد اجتيازي أماكن ضيقة كنت أحس بها وأنا معصوبة العينين أدخلوني لمكتب تصدّر فيه عميدٌ ينطق الشر من جميعه. صاح الضابط بعد أن ضرب الأرض بحذائه: الإرهابية عليا أبو عمر سيدي.
نهض من وراء المكتب وتقدم نحوي، أمسك بثيابي من ناحية الصدر وخنفني بقوةٍ وصرخ:
_ أنت…!! أنت من صدعت رؤوس عناصر الفرع بمراقبتك أيتها الحثالة!، وتدربين أمثالك على الحاسوب حتى ينشروا الخراب أكثر في البلاد!، قسماً لأجعلنَّك تنسين حليب أمك، ورمى بي على الأرض لأهوي كحجرٍ سقط من مكانٍ عالٍ.
صرخت متألمة من قوة السقوط، فقال بعد أن ركلني:
لم ترَيْ شيئاً بعد، فقلت متوجعة: لم أفعل شيئاً، أنا مهندسة حاسوب وتحكّم، أعمل دورات لأكسب مالاً أعيش به أنا وأولادي اليتامى، لم يبقَ لنا معيل بعد أبيهم سوى الله.
ضحكته الخبيثة جعلتني أرى أنياب الفتك والقتل.
جثى على ركبيته أمامي، وقال:
_يا حلوتي، أنا أعلم عنك كل شيء، أعلم متى تنامين وماذا تأكلين وأين تذهبين، لذلك لاتتعبي نفسك بالكذب،
عملك مع التنسيقيات وتشفير المعلومات والتخطيط النجس للمخربين، كل هذه التفاصيل لدينا.
نظرت في عينيه المحدقتين بي بكل بغض العالم، للحظة فقدت الأمل بالنجاة من تمساح الغدر والخسة.
أغلق الباب بعد خروج الضابط، وسحبت كخرقة بالية، ومددت على الكنبة، ثم استبيح عرض من ماتوا في سبيل الأرض والعرض.
بعد عشرة أيام من التعذيب والاعتداء وتكرار الاغتصاب أخرجوني من المعتقل بصفقة سرية مع أحد سماسرة الشبيحة مقابل مبلغ مالي ضخم، على أن أسافر خارج البلاد، فأنا ممن اعتقلن ليعدمن، فنحن نشكل خطراً على أمن الدولة واستقرارها، من تركيا الآن أعمل مع بعض الناشطات على توثيق أعداد المعتقلات، والعمل على إخراجهن من أقبية البطش والنذالة، وتخليصهن من إجرام النظام، الذي تجرد من كل خصائص الإنسانية.

قد يعجبك ايضا