هذا ماسنعرفه اليوم في الجزء الأخير من رواية”غزالة الكهف”…
ريما خطاب| شبكة مراسلي ريف دمشق
الأقدار إنها مرة بعد مرة تباغتها بما لا تتوقع، فبرغم وجود مشاعر استحسان، ومشاعر أخرى لديها لهذا الرجل الذي لم تره يوماً إلا من خلال إطار تناقض مستحيل أن تفسره، أو تحل شيفرته، كيف يطلب يدها الآن، وقبل أيام قليلة من موعدها مع حبيبها جاسم؟! لماذا الآن! أهو امتحان آخر لوفائها لحبيبٍ هجرها دون ذنب!…
قتلها دون سبب، بعد أن أحياها دون سبب أيضاً!…
لم تؤجل ردّها لطلبه، ولم تطلب وقتاً للتفكير، بديباجة لبقة ترفض من خلالها هذه الخطبة، فهي لم تعد تسمح للألم أن يأخذ الكثير من عمرها وقلبها، فقالت بكل هدوء وصراحة لم تحادث بها أحداً قبلاً، لكنها تعلم جيداً أن الأستاذ تامر يرقى لما ستخبره به:
_أستاذ تامر أقدر ما تقول، وأشكر لك مشاعرك، وكلامك، الذي لا أنكر فرحي بسماعه، رغم مفاجأتي بطلبك، لكنني لا أريد خداعك، أنا على علاقة مع شخص منذ سنتين، وإني أنتظر أن تسعدني الحياة بزواجنا قريباً.
جوابها هذا، لم يجعل من ابتسامته تتغير، بل زادت تألقاً بنظرات إعجاب أوضح في عينيه البراقتين.
وهكذا قطع خيط الأمل الذي تمسك به الأستاذ تامر بكل لين وحنان، على يدي غزالة التي لم تخسر ودّه، واحترامه اللذين زادا حين تمنى لهذه العلاقة بالنجاح، وبوافر السعادة والسرور الأبدي.
كبحرٍ هائج في ليل شتاء ممطر عاصف، دخلت غزالة بكل ما تستطع من سرعة إلى المشفى مع ابن المدير، الذي راح ينظر في جواله، ليعرف بأي قسم، وأي غرفة سيجد ضالة غزالة، التي بدأت الريبة تساوره بشأنها، فهذه اللهفة ليست لهفة على زوج صديقة!
وأخيراً ها هما يقفان أمام باب غرفة المريض جاسم المرود، وقفت غزالة، وقلبها الخافق، يكاد ينفر من صدرها، ببطء وهدوء أمسكت بمقبض الباب، لم تقوَ على فتحه، ربما تخشى ما ستراه عيناها، أو تتحسب لما يخبئ لها القدر خلف هذا الباب الواصل بين الموت والحياة، التفتت للمدير، حدقت به، وتبادلا النظرات الحائرة، عادت للباب، وبعد برهة قصيرة تنفست الصعداء، فتحت الباب وولجته، تقدمت الأستاذ أحمد الذي تبعها مسرعاً حين سمع صراخها الذي دوّى بأرجاء المشفى، وأغرقه ببحار أسئلة تنتظر أجوبة من غزالة التي وصلت محطة جديدة من حياتها، قد تكون المحطة الأخيرة، وقد تكون محطة لرحلة جديدة تعوض غزالة بعمر مزهر سعيد عن عمر الشقاء والحرمان مع من أحبته، وعاشت معه أجمل قصة غرام في زمن الحرب، زمن الثورات، التي تبعث الأموات للحياة من جديد.