ظاهرة الإنتحار، الأسباب والحلول

447

خديجة مصطفى | DCRN

الروح أمانة لدى الانسان و هي أغلى مايملك ويسعى للحفاظ عليه والشاذ في الحياة أن يزهق الإنسان روحه بيده منتحرا ومع الأسف كثرت حالات الانتحار في الآونة الأخيرة في الشمال السوري المحرر وللوقوف على أسباب و طرق معالجة هذه الظاهرة المحرّمة دينيا الممقوتة مجتمعيا يسعدنا أن نستضيف الأخصائي النفسي والمدرّس في جامعة حلب في المناطق المحررة الأستاذ صافي بخصو
1-عرّفنا بنفسك لو تكرمت أستاذ صافي
إجازة في الإرشاد النفسي وطالب سنة ثانية ماجستير في الإرشاد النفسي
أعمل كأخصائي نفسي منذ 8 سنوات وكمدرب في مجال الصحة النفسية منذ 5 سنوات.


2-كأخصائي نفسي هل الشخص الذي يقدم على الانتحار لديه خلل نفسي أو اضطراب نفسي؟
لا شك بأن من يقدم على الانتحار يعاني من اضطرابات نفسية وعقلية أو مشكلات اجتماعية والتي تعصف به وتؤدي به إلى محاولات انتحار ولكن مع ذلك هناك العديد الأشخاص الذي يقدمون على الانتحار لم يكن يعانون من أي اضطرابات نفسية أو عقلية أو أي شكايات نفسية سابقا ولكن حصول حدث مفاجئ أو تعرضهم لصدمة كبيرة فاقت قدرتهم على التحمل من شأنه أن يدفع فجأة نحو الاقدام على الانتحار حيث يكون الملاذ الأخير لهم للتخلص مما يعانون منه أو لاعتقادهم بأن كل الأبواب قد أغلقت أمامهم ولم يعد هناك فائدة أو معنى لحياتهم.


3-ماهي الاضطرابات النفسية التي تدفع للانتحار؟
أما عن الاضطرابات النفسية التي يمكن أن تؤدي للانتحار فهي كثيرة ويأتي في مقدمتها الاكتئاب حيث أنه وحسب الاحصائيات الأخيرة فإن 50 إلى 70 بالمية من حالات الانتحار كانت بسبب الاكتئاب إضافة لذلك الاضطرابات الذهانية (كالفصام وثنائي القطب) والإدمان وتعاطي المخدرات واضطرابات القلق واضطراب الشخصية الحدية واضطراب الكرب ما بعد الصدمة فضلا عن المشكلات الاجتماعية كالفقر والبطالة والنزوح والخلافات الأسرية قد تكون أحد الأسباب التي تؤدي للإقدام على الانتحار.


4-جيل الشباب وما يعانيه من نزوح وفقر وتشرد وبطالة ما هو الحل لإبعادهم عن فكرة الانتحار؟
تعتبر شريحة الشباب والمراهقين من الشرائح الهامة التي تتميز بميولها وأفكارها وقيمها وطريقة تفكير خاصة بها والتي من الضروري جدا الاهتمام بها من كافة الجهات والمؤسسات الراعية لها لما يمكن أن تتعرض له خلال هذه المرحلة من تغييرات فيزيولوجية ونفسية واجتماعية وغير ذلك فضلا عن الظروف الصعبة التي تعصف بها في الوقت الحالي من نزوح وتشرد وفقر ونقص حاد بفرص العمل الأمر الذي يولد لديها مشاعر الحزن والأسى واليأس والنظرة السوداوية حيث أنهم الفئة الأكثر تعرض للانتحار حيث يحتل الانتحار المرتبة الثانية بين أهم أسباب الوفاة بين الشباب في الفئة العمرية 15 – 29 سنة على مستوى العالم حسب منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود والعمل على متابعتهم أول بأول من قبل الاهل بشكل أساسي ثم من قبل المؤسسات التعليمية والمجتمعية التي تكون على صلة مباشرة معهم والعمل على إيجاد حلول مناسبة للمشكلات التي يعانون منها سواء كانت تعليمية أو نفسية أو مجتمعية كالعمل من أجل مساعدتهم على الاستقرار وتوفير فرص عمل مناسبة وتفعيل دور أكبر للمشاريع الصغيرة التي توفرها بعض المنظمات والتي من شأنها أن تساعدهم على تعلم حرفة معينة أو دعم للبدء لمشروع صغير يؤمن دخل شهري لهم ويحفظ كرامتهم وكرامة عوائلهم ومن الجيد تشجيعهم على مشاركة مشكلاتهم والحديث عنها مع أشخاص آخرين والبحث معهم عن حلول مناسبة والذي من شأنه أن يقلل نوعا ما من الضغط النفسي الذي يشعر به هؤلاء الشباب.


5-من هي الجهات المعنية بنشر الوعي لتخفيف تصاعد هذه الظاهرة في مجتمعنا؟
يعد العاشر من سبتمبر من كل عام هو اليوم العالمي لمنع الانتحار، والذي تقوم فيه الرابطة الدولية لمنع الانتحار بتنظيم الاحتفال بتلك المناسبة لإذكاء الوعي بإمكانية منع الانتحار، ويكون اليوم تحت رعاية منظمة الصحة العالمية،
أما عن الجهات المعنية بنشر الوعي التي من شأنها أن تساعد في تخفيف وتقليل هذه الظاهر المؤلمة و المنتشرة مؤخرا فهي عديدة وأذكر منها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص حيث أنه لا يكاد أحد اليوم إلا ويتابع برنامج أو أكثر من برامج التواصل الاجتماعي ببرامجه ومنشوراته المختلفة ، وكذلك المنظمات الإنسانية العاملة على الأرض والتي لها توجه خاص فيما يتعلق بالصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي من خلال البرامج التي تقدمها وتنجزها على الأرض الواقع ، وكذلك المدراس والجامعات والمستوصفات والمراكز المجتمعية الفاعلة على الأرض من خلال البروشورات الورقية وجلسات التوعية والمحاضرات بشقيها الفيزيائي والأون لاين وتشجيع ممن لدي أي شكايات نفسية للتوجه للمختصين النفسيين لطلب المساعدة منهم للتغلب على ما يعانون منه أو التغلب على الأفكار الانتحارية التي تراودهم، أضف إلى ذلك العمل على منع الوصول السهل لأي أداة من شأنها أن تساعد على القيام بالانتحار، حيث أن تضافر الجهود من قبل هذه الجهات والمؤسسات المعنية من الممكن جدا أن يساعد وينشر الوعي بين الناس فيما يتعلق بظاهرة الانتحار وأثرها السلبي على الصعيد المجتمعي عموما والصعيد الشخصي خصوصا.


6-ماهي الطريقة الأفضل للتعامل مع شخص يفكر بالانتحار؟
عند الشعور بأن أحد الأشخاص ممن يحيطون بنا سواء كان قريب أو صديق أو زميل عمل أو غير ذلك لديه أفكار انتحارية أو أنه لمح مجرد تلميح بذلك يجب علينا أخذ الموضوع بجدية والتعامل معه بشكل مناسب حيث أن تقديم الدعم والمساندة يعتبر أمرا هاما لاحتواء الشخص الذي يفكر بالانتحار وكذلك الحديث معه بشكل هادئ وإظهار الاهتمام به وبمشاعره والتعاطف معه ومحاولة فهم الأسباب والدوافع التي أدت لذلك بالإضافة لذلك تشجيعه على عدم تناول أي أدوية أو مواد مخدرة مثلا وتشجيعه على التواصل بنا باستمرار للحديث عن مشاعره ومحاولة طمأنته قدر الإمكان فضلا عن تعزيز الجانب الديني لديه ومن ثم تشجيعه على زيارة المختصين النفسيين وطلب المساعدة منهم فيما يتعلق بهذا الأمر الهام والمؤذي لحياته ، حيث تعتبر خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي التي تقدم من قبل المنظمات الإنسانية ذات فائدة كبيرة في التعامل مع هذه الحالات شكل إيجابي وفعال وتقديم العلاج النفسي والدعم النفسي المناسبَين لهم ومساعدتهم على التخلص من هذه الأفكار والتفكير بطريقة جديدة بحياتهم المستقبلية تبعث على الأمل والتفاؤل.


7- هل هناك حلول لإيقاف هذه الظاهرة الشاذة عن الطبيعة البشرية؟
يجب علينا أن نعمل باستمرار وأن نسعى دائما لتضافر كافة الجهود المبذولة من قبل المؤسسات والجهات المعنية من أجل التغلب على ظاهرة الانتحار في ظل الظروف الصعبة التي تعصف بالناس عموما، لكن كما ذكرت سابقا فإن العمل على إطلاق حملات توعية من قبل المختصين النفسيين وفرق الدعم النفسي الاجتماعي بحيث تستهدف جميع المؤسسات الفاعلة في المجتمع سواء كانت مجالس محلية أو جامعات أو مدارس أو مراكز مجتمعية أو مراكز طبية أو مساجد فيما يتعلق بظاهرة الانتحار و فيما يتعلق بثقافة الصحة النفسية والدعم النفسي، حيث أن اللجوء إلى المختصين النفسيين عند الوصول لمرحلة التفكير بالانتحار يعتبر في غاية الأهمية لما تقدمه من خدمات علاجية تساعد في التغلب عليها، فضلا عن القيام بالإجراءات الهامة التي تساعد على ضبط الأدوات التي يمكن استخدامها في عملية الانتحار ومنع الوصول إليها قدر الإمكان كضبط انتشار الأسلحة والمخدرات ومنع بيع حبوب الغاز والمبيدات الحشرية في المحلات العادية أو محلات السمانة وضبط الأدوية الموجودة في المنزل قدر الإمكان ومنع إعطاء أدوية إلا بوصفة طبية منعا من استخدامها بشكل خاطئ من قبل بعض الأشخاص والتعرض للموت بسببها وتطبيق الإجراءات العقابية والرادعة لكل من يساعد على الوصول لها بيسر وسهولة.

في ختام لقائنا نشكر الأستاذ صافي على وقته وإجابته الوافية ونسأل الله السلامة لجيل يحمل على عاتقه النهوض والاستمرار لأمته.

قد يعجبك ايضا