هل يعود الموتى من مدافن الغياب؟! هل تزهر صحراء الأحلام وتورق الأشجار بعد اليبس؟

0 337

هذا ماسنعرفه اليوم مع تفاصيل جديدة من حياة بطلتنا غزالة.

ريما خطاب |شبكة مراسلي ريف دمشق

_قالت لي بأنها كانت في مشفى (باب الهوى) مع إحدى قريباتها، فرأت الأستاذ جاسما هناك، ويبدو مريضاً جداً. سقطت حقيبة غزالة من يدها حين سمعت اسم جاسم، وترنحت فجأة، وكادت أن تسقط، لولا أنها أمسكت بحبل الخيمة، فأسرعت بشرى بالإمساك بها، ومساعدتها وهي تقول مفزوعة: _ما بك، ماذا حدث لك؟! هيا ندخل الخيمة كي تستريحي. ابتلعت غزالة ريقها، واستجمعت قواها، وقالت: أنا بخير، لا تقلقي، أكملي، ماذا قالت لك أيضاً؟ _لكنك متعبة جداً، هيا ندخل، وسأكمل لك في الداخل. صاحت غزالة، وقد تغيرت ملامحها: _لا أريد الدخول أكملي، ولا تتعبيني أكثر. استغربت بشرى، وتابعت: _قالت إنها تأثرت بوضع الأستاذ جاسم، وسألت عنه الطبيب، فقال إنه يعاني من مرض اسمه: (العامل الأسترالي)، ومضت مدة على بدء العلاج. _ماذا؟! … “العامل الأسترالي”! ما هذا المرض؟! وأسرعت بفتح حقيبتها، أخرجت جوالها، وأعطت الحقيبة لبشرى، فتحت تطبيق جوجل، وطلبت معلومات عن هذا المرض، الذي تسمع عنه لأول مرة، فصعقت لما قرأت على شاشة الجوال: (العامل الأسترالي، هو مرض التهاب الكبد الفيروسي، وهو مرض خطير، قد يودي بصاحبه). هالها ما عرفت عن هذا المرض، الذي استنتجت ببديهتها أنه سبب نهاية قصة حبها مع جاسم، لأن هذا المرض ينتقل بملامسة دم المصاب بدم شخص سليم، وأن خوف جاسم عليها من العدوى بهذا المرض، هو ما دفعه للانسحاب وتركها، ولم يخبرها بهذا المرض، لأنه يثق تماماً بأنها لن تقبل أن يفترقا بسببه، وهذا سبب آخر يدفعها للتعلق به حد الانصهار. كم هي عجيبة تصاريف الحياة، وكم تفاجئنا بمواعيد لم نكن ننتظرها، كم تعمل على ترتيب أحداث نتعب في نسيانها، لتتعبنا بعودتها من ثقب الذاكرة! لقد عاد الأمل بالحب، وتوّجت البراءة قصة جاسم وغزالة، وأخرجت ذلك الحبيب الغادر من سجن الإجرام، قبل أن ينفذ به حكم الهوى بالموت تناسياً. إذاً فالمرض هو ما أبعده عن غزالة، وبرغم خوفها عليه إلا أن السعادة تسلّلت لروحها من مسامات العشق المخدر على سرير قلبها الولهان، الذي غابت عن ذاكرته مراسم العزاء في لياليها الممتدة بطول كلمات اللغة المأخوذة عن عدل الحياة المزعوم. ها هي رحلة الشقاء تنتقل من مرحلة إلى مرحلة، ومن محطة إلى محطة أخرى، وككل مرة، لابد لغزالة أن تدفن شيئاً، أو جزءاً منها في كل مكان تقف فيه. كما دفنت أبويها وإخوتها في مدافن الخيبة والنكران، أيضاً دفنت حبيبها في مدافن الخيانة المتوهمة بأحرف الصمت المتبادل بينهما لأيام من ظنون، وها هي تباغَت بتصاريف الأقدار التي تحملها على العودة لترتيب الأحداث والأشياء، والأهم من كل ذلك تحملها على ترتيب الأشخاص. إنها مجبرة للعودة إلى مدافن الأيام الخوالي، ونبش القبور المحاطة بسياج رهبة الموقف وهيبة المكان، لنبش الأحاسيس والتنقيب عن المشاعر المتهمة بتنفيذ انقلاب عاطفي على سلطة العشق الموقرة، وتجنيد الأعذار والذرائع لهذا الأمر العظيم الذي زلزل أركان المملكة، وأحدث استنفاراً للمبادئ والمعتقدات، للدفاع عن ثوابتَ لا مجال لتغييرها مهما حدث.

قد يعجبك ايضا