زهورٌ على قبر
ريمة الخطاب | شبكة مراسلي ريف دمشق
بعد بقائي معلقة بمواسير علقت بجدران الزنزانة ثلاثة أيام، أنزلوني، من بين المشبوحات، وقادوني لمكتب التحقيق.
فأنا لم يحققوا معي بعد، أرادوا أن يقدموا لي ضيافتهم، كما قال الضابط أولا، وكان شبحي بالسلاسل، وضربي بالكرباج، وركلي على جميع أجزاء جسدي، ضيافتهم.
قبل دخولي المكتب، أدخلوني لغرفة دهنت جدرانها بالدماء، وتخثر الدم في أرضها، حبسوني بها وانصرفوا،
في زاوية الغرفة، تكدست الكثير من قطع القماش، رحت أخذ شيئا منها لأفرشه وأجلس عليه، فالدماء ملأت المكان.
كنت أسحب قماشة كبيرة، شعرت بثقل يشدها، مددت يدي متوجسة، وبلا شعور أطلقت صرخة خرجت من صميم الروح.
يا إلهي، جثث نساء عاريات، تكومت فوق بعضها!!، والدماء تنفر من أنحاء أجسادهن، وآثار التعذيب والاغتصاب واضحة، تنطق بشهادة على فعل وحشي تم بهذه الأجساد.
ركضت هلعة نحو الباب، ورحت أنادي:
أخرجوني من هنا، أرجوكم، أخرجوني، سأعترف بكل شييء. ولم أفكر بما أقول، وبماذا سأعترف، كنت أنقل عيوني بين كومة الجثث، والجدران الحمراء، وباب غرفة الموت، هذا آخر شيء أتذكره، في اليوم التالي صحوت على صوت الملازم، يقول: ألم تنتهِ من التمثيل؟، أعلم أنك تمثلين الخوف، فما رأيته من جثث، منظرا مألوفا لديك، ألست من تقتلين ضباطنا وقادتنا، الذين يقعون بشباك كمائنكم، وهم على رأس عملهم؟ ألست من تقومين باستدراجهم للدخول للمقرات الوهمية، لاصطيادهم، وقتلهم؟، تأكدي أيتها اللعينة، أننا نقوم بأخذ الثأر لأبطالنا، ونرد الصاع صاعين، لم ترَيْ بعد جثث المخربين التي تعفنت في الزنزانات، انتقاما لمن تخطفون، وتغتالون.
يداي المربوطتان بسلاسل عدوانهم، وبطشهم، منعتني من الدفاع عن كل شريف وشريفة قضوا بمعتقلاتهم،
كنت على درب الغدر، وفي مخطط القتل لديهم، لكن عناية الله أنقذتني،
فقد تم استبدالي بضابط مهم عندهم، والإفراج عني، أما عن تلك الجثث الطاهرة، والتي لن يضيع حقها أبدا، فقد نذرت نفسي للعمل على تسليط الضوء على من دفن في ظلمة سجونهم، في معتقلات الذل والعدوان، وسأبقى أطالب بحرية حرائر سورية اللواتي، سيبقين علما يرفرف في السماء، حتى لو انضممن لقوافل الشهداء!!..