* زئير الزنزانات *
من يملك في حناياه بذرة الإباء والشرف، لن تستطيع قلعها أية قوة مهما تسلحت بالجبروت والتسلط،
سنقرأ معا عمَّا تعانيه المعتقلات الحرائر في سجون النظام، من قهر واغتصاب وانتهاكات تجردت من معاني الإنسانية،
من خلال ثلاثين قصة واقعية حدثت مع الحرائر السوريات..
ريما خطاب | شبكة مراسلي ريف دمشق
توسلات شيماء الباكية لكل من كان في الزنزانة، ليضربنها على بطنها، ويساعدنها على الإجهاض،
أثارت شفقتهن عليها.
شيماء ابنة الخامسة والعشرين، صاحبة الشخصية القوية، والتي كانت سبباً إضافياً لغضب الملازم عمار منها،
حين كان يحقق معها، بتهمة التستر على الإرهابين، ومساندة الثوار والتنسيق معهم.
صوتها الذي لم تنجح بإخراسه جميع تهديداته، وأساليب التعذيب المختلفة، كان يصدح في غرفة التحقيق، ويتحدى كل مايحيط به من قوة وقهر، أما عيناها اللتان كانتا تلمعان كعيني صقر حلق في سماء الحرية، غير آبه بالمخاطر والأهوال، فهما من أثاره كبركان خامد،
ستندمين على شراستك أيتها اللبوة الجميلة.
لم يستطع إلا قول هذه الجملة، بعد أن دافعت بكلامها عن نفسها، وعن الشعب الذي خرجت منه ومعه، تطالب بالإصلاحات، وبحقه بالحياة الكريمة، التي هي حق كل إنسان حر شريف،
جرأتها وقوة شخصيتها أثارت جنونه، وبعصبية هوجاء، راح يضربها بعنف، ويركلها لتسقط أرضاً وقد نزف أنفها،
لكنها لم تستسلم لبطشه، ولم تصمت أمام شتائمه الشيطانية، بل وقفت أمامه وصفعته بكل قوتها، وهي تقول رداً على القذارات التي تفوه بها:
أنا ابنة الشرف والطهر، أنا سليلة الشريفات المصانات.
كادت تخرج عيناه من مكانهما غيظاً من كل هذا التحدي والصمود، الذي تمثل أمامه بفتاة لم تأبه لكونه سيد المكان، وقائداً عسكرياً ذي سلطة،
لكن كل تلك القوة التي ملكتها، لم تستطيع أن تمنع الملازم عمار من قهرها، بالاعتداء عليها، واغتصابها، بشراسة الكلاب المسعورة، فض عذريتها، وهشم عنفوان أنوثتها،
ثم نادى للعسكري، وقال له واعزاً،
ودماء ضحيته تقطر من وجهه:
اذهب، وناد للضباط المناويبين الليلة،
( عازمكن ع أكلة طيبة، وسهرة كيسة).
سبعة رجال قاموا بالاعتداء على شيماء، ودنسوا محراب البراءة والشرف، بطريقة تأنف الحيونات اتباعها!!!
بكاؤها المستمر، وتوسلاتها المتواصلة، كانت تحرق قلوب المعتقلات،
مما دفعهن لاستجابة طلبها، فقد قمن بضربها على بطنها، وهي ترزح تحت الضربات بألم وأمل بالخلاص من بذرة قذرة زرعت عنوة في رحمها.
باتت كل محاولاتهن بإجهاضها بالفشل، رغم التكرار، واستخدام كل ما يمكن لهن استخدامه لأجل هذه الغاية، حتى أن شيماء امتنعت عن تناول الطعام لتموت هي وعارها، كما كانت تقول للمعتقلات…
مرت الشهور الثقيلة بوصب الإرغام والقسر، وشيماء صامتة تعض على ماكان تلك الليلة بأنياب التكتم والإخفاء.
وجاء يوم حشد له الكثير من الخوف والتحسب، هو يوم ولادة جنين الفتك والجبروت.
ملأ صراخ وجع المخاض ممرات وسراديب الفرع، ليغطي أصوات المعتقلين الصادر من غرف التعذيب، موسيقا الجنائز اليومية!
ولدت شيماء ولداً ذكراً، بمساعدة المعتقلات، لكن الحيرة كانت عظيمة، بماذا سيقطع الحبل السري؟!
ولا يوجد شيء يفي بالغرض، في زنزانة الموت، أنهت شيماء حيرتها، وحيرة المعتقلات، وقطعته بأسنانها، وقالت وهي تنظر للسماء:
بهذه الأسنان، سأدافع عن نفسي ووطني وأهلي، حتى لو كسروها بمطارق الطغيان.