ريما خطاب | شبكة مراسلي ريف دمشق
من خيوط الصوف الزرقاء التي كانت لفاحة لجدتها، صنعت دمية جميلة.
رسمت لها عينين واسعتين بالإبرة والخيط الأسود، أنفها الصغير كان كالنقطة في وسط وجهها المدور،
أما فمها فقد تأنت برسمه كثيرا، جعلت من الخيط الأحمر ابتسامة رائعة دائمة على وجهها.
جدلت لها ضفيرتين طويلتين، وأسدلتهما على ظهرها.
زينت خصرها وطرف ثوبها المتناثر حولها بالورود الحمراء.
صنعتها بخيوط المحبة والرغبة في أنيس لوحدتها، وأطلقت عليها اسم ( الزرقاء )…
كل يوم كانت تحكي لها عما تعانيه من وحشة الوحدة وقساوة الحياة، تحكي، وتحكي والصديقة تنصت بصمت وانتباه، محدقة بها بتلك العينين الواسعتين البراقتين.
-( ليس لي أحد في هذه الدنيا إلا أنت ياصديقتي، وكما ترين هذا حالي منذ وفدت لحياتي البائسة، هل رأيت احدا يزورني؟ هل سمعت بأحد يلفظ اسمي)؟..
-( لا، فمنذ أن ماتت جدتي وأنا أعيش وحدي في هذا البيت،
جدتي، آه كم اشتقت لها!!. ياصديقتي، فقد كانت عائلتي التي لم أعرف أحدا سواها في دنياي،
أتعرفين ياعزيزتي من فرط محبة جدتي لي، فقد تركت لي لفاحتها الصوفية كي أصنعك من خيوطها، نعم ربما كانت تعلم أنني سأكون وحيدة بعدها، لذلك تركت لي ما يؤنس وحدتي ويبددها،
لولا وجودك معي لكنت الآن أمضغ أوجاعي وحدي، أردد آهاتي، ولا أحد يسمعها.
اسمعي خطرت لي فكرة، لقد بقى من صوف اللفاحة الكثير من الخيطان، مارأيك أن نصنع غدا دمية أخرى؟ تشاركنا سهراتنا وأحاديثنا، سنكون أسرة رائعة،
آه الآن عرفت لماذا اختارت جدتي لفاحة طويلة، كانت تريد أن أكون مع عائلة متعددة الأفراد،
لقد كانت تخشى علي كثيرا من الوحدة ).
آه ما أروع حنانك ياجدتي!!… حتى بعد موتك ورحيلك عني، تسعين لإسعادي.
والآن اقتربي مني يا دميتي، لأحكي لك حكاية قبل أن ننام…