ريمة خطاب | شبكة مراسلي ريف دمشق
هاهي القرية تنام على تخوّف وتوجّس شديدين، فبعد الانفجار الذي حدث اليوم على الحاجز المتمركز في أول مدخل القرية ومقتل معظم عناصرها، ستُستَهدف القرية من المركز العسكري في محردة الذي كان يقصف المنطقة كلها.
لقد هرب النوم من العيون، ورحل الرقاد كطيور هاجرت قبل حلول الشتاء، أما من استطاع النوم فقد حذا حذو الذئاب!.
في ساعات الصباح الأولى، هزّت القرية أول قذيفة سقطت على الحارة الجنوبية، ثم تبعتها قذيفة أخرى سقطت في مقبرة القرية، وبعدها عمَّ صمتٌ مهيب قَطَّع الأوصال من الرعب، وراحت الأفكار تأكل أصحابها وتسلبهم أماناً كان مفتعلاً.
منزل المختار ومنزل أبي عادل رئيس البلدية كانا هدفهم، ففي الصباح علمنا أنهم داهموهما وأخذوا ابنتيهما علا وريم.
ضجّت القرية بهذا الحدث المريع وعمَّ حزنٌ كبير، وراحت الأخبار تتناقل والتوقّعات تتخبط بأذهان أهليهما، فالجميع يعرف ما مصير كل من تُعتقل وتنام ليلةً في معقل البطش والاستبداد، ولم تُنْسَ بعد قصة الآنسة عبلة التي حملت في المعتقل وأنجبت ثم أُعدِمت ميدانياً.
في مساء ذلك اليوم عاد أخي من الرّباط متسللاً، وطلب مني إخبار المختار أن ابنته ريم وابنة رئيس البلدية علا في مركز التحقيق اعتقلوهما بتهمة تفجير الحاجز، هكذا جاءت الأخبار من مصدر موثوق للثوّار.
في اليوم التالي قصدتُ بيت المختار لأوصل الرسالة، لعلَّ قلوب أهل ريم وعلا تطمئن!!.
أمام باب بيته وفي الساحة المطلّة على الحقل اجتمع الناس، وتكوّموا مدهوشين، أسرعت الخطى لأرى ما سبب هذا التجمع غير الطبيعي، سبقت أحاديثهم أقدامي، فسمعتهم يكبّرون ويهلّلون:
_الله أكبر، الله أكبر، اللهم انتقم من كل ظالم، اللهم انصر ضعفنا.
صعقتني رؤية ريم وعلا وقد تمدّدتا على الأرض والدماء غطتهما وراحت تقطر من ثيابهما، لقد كان واضحاً أنّهما عُذّبتا واغتصبتا ثم قتلتا برصاصاتٍ اخترقت رأسيهما.
تلك الورقة المعلقة على ريم كانت أول شرارة انتقام للعرض المسلوب:
(هذا مصير من يقتل أبطالنا، ابقوا مختبئين في ظلام الليل، وسنأخذ ثأرنا بوضح النهار).
ومن ذلك اليوم انضم بقيّة شباب القرية للثوّار، وبات العمل جهراً في الحراك الثوري، فما كان يجعل التحرّك خفيةً هو الخوف على الأهالي والنساء، وحمايةٌ للشرف الذي هو أغلى مايملك المرء.
- اعجاب
- أصدقاء
قد يعجبك ايضا