“طفلة في المعتقل”.

499

ميمونة مقرش | شبكة مراسلي ريف دمشق

أذكر جيدًا عندمَا أُمسكَ بي وأبي من قبل النظام المجرم، عندها وقف أمامي كلبٌ من كلاب الأسد، يحمل بندقيته مصوبةً باتجاه والدي، متحدثاً إلي:
“أبوكي على أي قناة بتابع أخبار”، أشاهد ما يحدث حولي بذهول، أرتجف خوفاً وأعتصر ألماً، صوتي قد انبثق من حنجرتي وكأني في الجحيم.
صرخ بي “احكي ولّا أقتلكم”، ماذا يحدث يا الله، هل سيقتلون أبي أمامي!، أيّ رعبٍ هذا الذي يتسلل إلى قلبِ طفلة، أبي ما زال يحدق بي شامخاً، خرج صوتي مجروحاً منكسراً دون أن أفقه معنى ما قلتُه: (بشار الكل… بشار الأسد).
رماني أرضاً ذاك القذر، أخذوا أبي إلى قاعة جهنّم لأكون شاهدةً على التعذيب…
أحرقوا أصابعي الصغيرة بوحشية، عذبوا أبي أمامي ومزّقوا جسد طفلٍ رضيع أمام عينيّ أمّه فأضحى فؤادها فارغاً.
بعد سنوات الاعتقال والتعذيب والآلام تم الإفراج عن أبي ولله الحمد، ولكنني لم أنسى!.
مضى على ذلك الموقف سبعةَ أعوامٍ تقريباً ومازلت إلى اليوم أستيقظ ليلاً من الموت، أبكي من الهلع والخوف، أكاد أختنق من هول ما رأيته، يزداد هذا الشعور شيئاً فشيئاً ليخلق داخل صدري ضيقٌ عميق، كلُّ سعيي أن أستعيد هدوئي في أقرب وقت، أن أعود أفضل من الأمس واليوم، كل محاولات التنفس العميق كما نصحني الأطباء النفسيين باءت بالفشل!، فمازالت صورهم القذرة عالقةٌ في ذاكرتي، وصراخ المعتقلين تخرق جدران حُجرتي، حتى وإن أردت لا أستطيع أن أنسى، وكلّما قرأت في أدب السجون ينتابني شعور الهلع ذاته…

قد يعجبك ايضا