زينب |شبكة مراسلي ريف دمشق
بات الوضع السوري أكثر غموضاً وتعقيدًا مما كان عليه في السابق، لا سيما وأن تصريحات المعركة التركية غير واضحة المعالم والأهداف، فهل ستصب في مصلحة السوريين، أم ستكون لمصلحة الأسد، الذي باتت الدول تلمع صفحته السوداء.
وهل ستكون المعركة لتثبيت الحدود بين الأسد وتركيا وبالتالي اقتضام مناطق جديدة لحساب الأسد، مقابل اقتضام الأتراك مناطق جديدة من قسد؟ أم ستكون لتوسعة الرقعة الخضراء على (المناطق المحررة) على حساب مناطق الأسد؟
مما بات معلوماً للجميع أن تركيا لا يمكنها أن تتصرف منفردة، وأنها دائماً تراعي التوازنات الدولية, و ترجح مصلحتها وأمنها القومي على ما سواه، فلا يمكنها أن تغرد خارج السرب، وإنما توازن بين المعسكرين الروسي والأمريكي وتتصرف وفقاً للتفاهمات معهما، وتحاول إنشاء تحالفات موازية بحيث تكون قريبة من الجميع وعلى مسافة واحدة منهم. هذه السياسة هي التي عقّدت الوضع السوري، وكانت سبباً لإطالة أمد المعاناة على السوريين.
ومن خلال قراءة سريعة للتصريحات التركية، والصور التي ركّز عليها قادة الأتراك، والتي ظهرت للعلن وباتت واضحة الأهداف، ومن خلال المعطيات على الأرض، وحفر خندق تادف وغيره، يتبين لنا أن هدف العملية العسكرية هو إنشاء منطقة آمنة على حدود تركيا بعمق ٣٠ كم وهذا ما أكده تصريح سابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال الدورة ٧٤ عام ٢٠١٩ إذ قال: “إن بلاده تواصل العمل مع الولايات المتحدة على إقامة المنطقة الآمنة بعمق ٣٠ كم وطول ٤٨٠ كم والتي يجب أن تكون مطهرة من وحدات حماية الشعب الكردية” وعرض خارطة أكد من خلالها أنه: “بإمكاننا إعادة مليون أو مليوني لاجئ سوري بعد إقامة تلك المنطقة …”
من يقرأ تصريحات أردوغان والساسة الأتراك يجد أنها ليست لإنهاء معاناة السوريين ولا لتحقيق الحرية التي يطمحون إليها، وإنما هي خطوة لتثبيت معاناتهم وترسيخ حدود جديدة مع قوات نظام الأسد الذي قتلهم وشردهم ونهب خيراتهم.
ربما ستكون رسم معالم لسوريا جديدة مقسمة إلى دويلات يحكمها تحالفات ودول، ليس للسوريين رأي ولا كلمة في أي منها.
إن كل معركة أو حل سياسي لا يصب في الإطاحة ببشار الأسد ونظامه، هو زيادة في تكريس معاناة الشعب السوري، إذ لا يمكن أن تستقر سوريا مع وجود الأسد. وإن موقف الدول بشكل عام وتركيا بشكل خاص كمن ألقى أخاه في البحر ووعده بالمساعدة، ثم تركه لمصيره.
ختاماً، إن هذه المواقف تحكمها السياسة التي لا تراعي قيماً ولا أخلاقاً، ربما تتغير في أي لحظة، مع تغير التوازنات الدولية، فيعود القرار لأصحابه الحقيقيين، ويتخلى الغرب والشرق عن دعم الأسد، وتصبح سوريا دولة حرة مستقلة تملك زمام أمورها بعد سنوات من الضياع والتيه، وعسى أن يكون ذلك قريباً.