مقال رأي
روعة عصفور | شبكة مراسلي ريف دمشق
رغم أن مرسوم تحديد الانتخابات الفلسطينية، يحدد موعداً لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في ٣١ أغسطس / آب القادم 2021، غير أن الجميع يعلم أن الفصائل ستلجأ للمحاصصة فيما بينها على تعيين أعضاء المجلس بدلاً من التحضير لانتخاباتٍ ديمقراطية يشارك بها اللاجئون واللاجئات.
ليس في ذلك مفاجئة بالنسبة لي، فأنا من الجيل الذي يعيش تهميش اللاجئين واللاجئات الفلسطينيين وإدارة الظهر لهم منذ أن تم إضعاف منظمة التحرير على حساب تقوية السلطة. والآن نحن كلاجئين ولاجئات نحصد النتائج المأساوية بسبب هذا التحول الخطير.
لستُ ضد إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وأي خطوة لرأب الصدع في العلاقات الوطنية الفلسطينية لكني أتساءل أولاً وأخيراً عن المشروع الوطني القادر على حماية حقوق الفلسطيني جميعاً ؟
هذا شاغلي الكبير كلاجئةٍ فلسطينيةٍ لا تعنيني الانتخابات أو غيرها إلا إذا كانت تعكس تمثيلاً عادلاً لكل أبناء شعبي، وهذا مشكوكٌ فيه إلى حدٍ كبير في ظل المعادلة الفصائلية القائمة.
فها نحن الفلسطينيات في الشتات والداخل نتساءل ماذا تعني لنا انتخاباتٌ ليس لنا فيها أي قرار أو مشاركة فدمج المرأة في الحياة السياسية المؤسساتية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لا يزال سطحياً جداً في مستواه الحالي.
فتدل نسبة تواجد المرأة الحالية في منظمة التحرير على سياسة إقصاء وتهميش لها، تنبع من ضعف دور وتمثيل النساء داخل الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى الموروث الثقافي الكامن في إدارة مؤسسات العمل الوطني الفلسطيني ورسم السياسات العامة.
وعلى الرغم من تطبيق الكوتا النسائية البالغة 20% في المجلس التشريعي الفلسطيني منذ 2006، بعد جهد جهيد من الناشطين/ات الفلسطينيين والمنظمات النسائية، إلا أن هذه النسبة لا تزال متدنية.
وهناك هيئات أخرى أيضاً تضم في عضويتها نساءً بنسبٍ أقل من تلك. فمن بين الأعضاء الخمسة عشر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، هناك سيدة واحدة فقط هي حنان عشراوي. ومن بين المحافظات الستة عشر في الضفة الغربية وقطاع غزة، هناك محافظةٌ واحدةٌ فقط هي محافظة رام الله والبيرة ترأسها سيدة، هي ليلى غنَّام. وكذلك حكومة محمد اشتية تضم ثلاثة وزيرات من أصل اثنين وعشرين منصباً وزارياً.
على الرغم من كافة المساعي الحثيثة التي بذلتها الحركة النسوية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية، من خلال تاريخٍ نضالٍ طويل قدمته النساء من بداية الثورة الفلسطينية حتى يومنا هذا، استطاعت من خلاله تحقيق الإنجازات على المستوى الحقوقي، الأمر الذي أدى إلى توقيع القيادة الفلسطينية على عدد من الاتفاقيات الدولية التي تعزز من المساواة، والقضاء على التمييز، إلا أن ذلك لم يمنع فشل النساء من إثبات وجودهن في مجالس منظمة التحرير، بسبب تعنت الإدارة السياسية ورفضها لرفع مكانة تمثيل المرأة عملياً.
كل ما سبق يستدعي منا العمل الحثيث على إتخاذ تدابير وضمانات تكفل مشاركةً واسعة وفاعلةً للمرأة، كتحديد مواقع مهمة للنساء في هياكل منظمة التحرير، بما في ذلك اللجنة التنفيذية، والمجلس المركزي، ورئاسة اللجان الدائمة، وتثبيت الكوتا النسوية في هياكل المنظمة المختلفة، والضغط باتجاه تمثيل النساء المستقلات اللواتي يمثلن جزءاً أساسياً من الحركة النسوية، لأن غياب تمثيلهن يعني تغييب الكفاءات النسوية غير الحزبية، الأمر الذي يتطلب تمثيلهن في المجلس الوطني، للتأثير على موازين القوى داخل المنظمة.
فالجميع يقر بحقوق المرأة الفلسطينية ودورها النضالي، إلا أن واقع الأمر وفق النسب الأخيرة لا يدل على ذلك، لذا يجب العمل على إيجاد سياسات وبدائل من شأنها مراعاة النوع الإجتماعي والتشاركية بين الجنسين وترسيخ المساواة واتخاذ ما يلزم من تدابير تضمنها، وأولها إعتماد نسبة 30% كنسبة تمثيل للمرأة كحد أدنى، وصولاً إلى الدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه المرأة الفلسطينية في صنع واتخاذ القرارات العامة، من خلال تمثيلها في مؤسسات المنظمة.
بالنسبة لنا نتيجة الإنتخابات محسومة للأسف فسوف يُلقى بأي انتخابات تعِدُ بتقدمٍ في موقف الشعب الفلسطيني وتقرير مصيره، أو تنطوي على أي إمكانيات لإعادة تعريفهم كشعب يناضل من أجل قضيةٍ عادلة في سلة المهملات أو إلى زيادةٍ فعلية في تمثيل النساء بمراكز صنع القرار من كافة الأطياف وهنا أشدد على المشاركة الحقيقية للجميع بدون استثناء ، ولن يشير أي تفكير منطقي، يسترشد بعنوان التحرر الفلسطيني والعودة والحقوق العادلة مطلقاً إلى انتخابات تجريها «السلطة» المفصّلة على مقاس رغبات أعداء الشعب الفلسطيني.