العلاقات التركية السورية .. تطبيع أم مصالح؟

0 251

هل ستتخلى تركيا عن المعارضة السورية؟

قاسم زيدلاني|شبكة مراسلي ريف دمشق

يخيل للكثيرين بعد التصريحات التركية الاخيرة التي ظهرت على الإعلام أن هناك تحول وعودة للعلاقات التركية مع النظام في دمشق إلى ما كانت عليه قبل عام 2011
لعل الكثيرين يجدون نهج تركيا الجديد باتجاه الملف السوري أقرب لتغيير جذري في المواقف، في حين تستبعد المعارضة السورية بناء على تطمينات تركية، حدوث تقارب جدي بين تركيا ونظام الأسد، ولكن البعض يرى أن رغبة تركيا لجني مكاسب سياسية واقتصادية، من دون الحاجة إلى انتظار وصول هذا المسار إلى نهايته.
يبدو أن روسيا بدأت تضغط وبقوة على أنقرة باتجاه حل سياسي وهذا ما يشكل عبئاً على الحكومة التركية لقبول التطبيع مع نظام الأسد، ومن الملاحظ أن الرئيس التركي ووزير خارجيته يروّجون لهذا الأمر وقبول دعوة موسكو للتطبيع، ويبدو أن أنقرة من الممكن أن تتنازل لأنها فعلياً نفذت أهم شرط على الإطلاق، ألا وهو الاعتراف بشرعية الأسد، لا يمكن لتركيا المراوغة في هذا الأمر، ففي الماضي واظبت أنقرة التأكيد على وحدة وسيادة الأراضي السورية، كان السياق يدل على عدم وجود أطماع تركية لضم مناطق في سوريا، وكانت أنقرة مستعدة لإعادة الأراضي القابعة تحت سيطرتها حال حدوث تغيير للنظام السوري، ولو عدنا لتاريخ العلاقات السياسية بين البلدين لرأينا أنها لم تكن جيدة ومتطورة في يومٍ من الأيام، إلا ما بين عامي 2011_2006، ولكن هذه العلاقات أيضًا لم تدم كثيرًا، والأزمة القائمة بين الدولتين في الوقت الحالي ليس وليدة العصر،
بل لها جذور تاريخية عميقة، ففي أغسطس من عام 2011 صعدت تركيا انتقادها تجاه ما يقوم به نظام الأسد لقمع الثوار أثناء الثورة السورية، وهدد رجب طيب أردوغان بأن صبر أنقرة قد نفد إزاء القمع، وأضاف أنه سيوفد وزير خارجيته السابق أحمد داود أوغلو لدمشق لنقل رسالة حازمة للنظام السوري. وفي اليوم التالي انتقدت بثينة شعبان “مستشارة الرئيس السوري للشئون الإعلامية والسياسية” في تصريحها: إن كان وزير الخارجية التركي قادما لنقل رسالة حازمة إلى سوريا، فإنه سيسمع كلاما أكثر حزما بالنسبة للموقف التركي”.

بعد أن فشلت تركيا بالحصول على ضوء أخضر أميركي_روسي بشن عملية جديدة على قسد في العام الجاري، تريد أنقرة من نظام الأسد السيطرة على مواقع “قوات سوريا الديمقراطية” طالما أن قواتها ليست قادرة على دخولها، سيكون ساذجاً من يعتقد بأن الأسد وحلفاءه سيكتفون باعتراف تركي لشرعية نظام الأسد المتهالك، بل إنهم يرغبون بفتح المعابر التجارية لتكون متنفساً لاقتصادهم كما هو حال تجارته مع قسد شرق الفرات، وعودة العلاقات القديمة كما في 2011، والطريف أن ما يبدو مطالب تركية الآن كان صلب أهداف الأسد، وإن لم يكن في رأس أولوياته، فهو بعد الانتهاء من ابتزاز أنقرة بالقوات الكردية (والعكس أيضاً) لا يقلّ عن أنقرة توقاً إلى إخضاع خصمها الكردي، ومطالبه في المفاوضات مع قسد.

الصفقة الكبرى هي قسد مقابل المعارضة وهو ماينتظر نظام الأسد تحقيقه للقبول بعودة العلاقات وهو ما سيكون صعب التنفيذ بوجود الدور الأمريكي شرق الفرات الذي سيمنع حدوث ذلك، فقسد هي الحليف المدلل للقوات الأمريكية في المنطقة.

تصورات متداولة بدمج جميع الميليشيات فيما يسمّى القوات النظامية. خارج المسار الأممي المعطَّل، هذا هو تصور موسكو الذي تطرحه مترافقاً مع مطالبتها بإعادة المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد، وهي تُظهر تساهلاً أكبر من الأخير بموافقتها على مبدأ بقاء الميليشيات في أماكنها مع تغيير تبعيتها ومركز قرارها، ومن غير المستبعد أن يلتقي مستقبلا مقاتلو المعارضة وقسد ضمن قوات نظام الأسد كرفاق سلاح إن استمرت وتيرة موسكو في الضغط على انقرة للضغط على المعارضة السورية للقبول بالمصالحة.

قد يعجبك ايضا