صحوة موالي نظام أسد بين الدجل الإيديولوجي والوعي الحقيقي

0 751

مقال رأي
ناصر علم الدين |شبكة مراسلي ريف دمشق

لم نتفاجئ البتة بطريقة تعامل نظام أسد مع المحسوبين عليه ممن يوجهون له أدنى درجات النقد لتخفيف معاناة من تبقى من السوريين تحت مظلة حكم الإكراه الجبري بإدارة طغمة دمشق الحاكمة , بل أصبحت المطالب بمصادرة أموال أثرياء الحرب “بحسب وصفهم” نغمة يطربون لها و كثيراً ما يرددها موالون معارضون “تحت سقف الوطن” بلغة الالتماس والترجي لكبيرهم حتى وصل بهم الأمر لاقتباس مقولات الفقيه الفرنسي جان جاك روسو عن العدالة الاجتماعية وينشروها على صفحاتهم بنوع من الترف النقدي الراقي ! لنقول لهم ” أيمت كنا والشمس ترقعنا!” ويدفعنا ذلك لتبيان ما ينطوي عليه هؤلاء من عمق فكري لا يلتقي من حيث المقصد بما ينبغي فعله في مثل هذه المفاصل التاريخية الحاسمة رغم امتدادها لسنوات وتقلب الأرض بأيدي الأطراف بين مسيطر ومنسحب, ففي كل المجتمعات التي تشهد تغيرات كبرى يختلف أفرادها في رؤيتهم للأمور إلا أن الحقائق الموضوعية كقيام نظام استبدادي ديكتاتوري تبقى عنوان الحقيقة المطلقة في هذا التوصيف ولامجال لإبداء الرأي النسبي فيها , فالفرق شاسع بين من يسعى لتعديل العقد الاجتماعي في مجتمع محكوم بعصابة قائمة على العصبية الطائفية وأخيراً العصبية المنفعية , وبين من يسعى لتعديل “عقد العبودية للحاكم” كما يفعل الموالون المعارضون “تحت سقف مؤسسات الدولة والوطن”

لمتابعة الأخبار العاجلة على التيليغرام أضغط هنا

ولكن كانت مفاجأتنا بأنهم تفاجئوا بطريقة التعاطي القمعي الذي عاملهم به نظام أسد ! والذي يبدو أنه أقل إجراماً نسبياً بالتعاطي مع أصحاب الموقف الأوضح من نظام أسد , وكأنهم بقرابين نفاقهم التي نحروها على مذبح الاستبداد ومساهمتهم في تزييف وعي الناس تقرّباً من المنظومة الحاكمة قناعةً أو تقيةً قد أمنوا جانب النظام القمعي في دمشق والذي بات حاله اليوم أشبه بدمّل متقيح يهتاج لأي نقد تنفيسي ضمن الحدود المرسومة مخابراتياً على غير سابق عهده، فمن يمتدح إنجازات الجيش العربي السوري ويدعوه لطحن عظام حاضنة الإرهاب في مناطق سيطرة المعارضة السورية ويطرب لسماع دوي انفجارات البراميل المتفجرة يجب أن يهيئ نفسه يوماً ليتجرّع سماً زعافاً لطالما سعى لسقاية مخالفيه بالرأي منه , فكبيرهم الذي علمهم السحر ساوى بين كل من مقاتلي المعارضة “مع اختلافنا اللاذع معهم حول شكل النظام السياسي وبعض الانتهاكات التي ارتكبوها” وجيرانهم وأصدقائهم وبيئتهم الحاضنة بل أنه أنكر بصلف وقح مجازره الكيماوية. وسعى من يطالب بتحسين واقع العبودية اليوم إلى نفي تهمة استخدام هذا السلاح في غوطة دمشق عام 2013 , فمن يملك أدنى وعي بتركيبة عصبة الأشرار التي تسيطر على دمشق لا يُخامره شك بأنه من استخدم السلاح الكيماوي “الذي لا تملكه إلا الدول ” حينها بل أكدها موالوه أنفسهم “منتقدو اليوم” بمسيرات احتفالية كرنفالية وهم يهتفون ” خلصنا من جراثيم الغوطة”

ولا يظن أحد بأن مقالنا هذا تحريضي ويسعى لنشر الكراهية أو أنه شماتة كعادة منظري نظام التسلط في دمشق الذين دأبوا تحريضاً ضد مخالفيهم وأدمنوا على تزييف وعي الناس طوال العقد الأخير ولكننا نؤكد بأن ما نادى به الثوار الأوائل في ربيع دمشق وأحداث القامشلي وبدايات ثورة الربيع العربي في سوريا يحاول موالو الأسد المعارضون اليوم تلمّس صوابيته بخجل بعد أن قرقرت بطون أولادهم جوعاً كأطفال مضايا والغوطة وحمص وداريا بحصار “جيشهم العربي السوري ” لأهالي تلك المناطق وإخضاعهم بالجوع والقصف الأعمى , بل سننصحهم ليكون المقال مجدياً بأن نقد ظواهر الأمور بسطحية أعيت المستمع لامعنى له ولا يصنع وعياً يغير الواقع بما يضمن كرامة الجميع وتحقيق المساواة ومستقبل أفضل, بل يسعى لتعديل بنود العبودية التي أكُرهنا عليها لعقود بحكم عسكري جبري تملّك ربقتنا بكل عنجهية مقيتة, لعلكم اليوم بدأتم بتذوق نتائج بعض مرارة ماكنا نضجّ به قرفاً , ونراه قادماً لا محال , يا إخوتنا في الوطــــــن نقولها لكم بكل صدق مؤمنون بحقكم في المواطنة والعيش الكريم في سوريا ,قلناها بكل ثقة , أوروبا طحنتها الحروب والاقتتال القومي و الطائفي وهي اليوم قبلة العالم بعد أن عرفوا وطبقوا روح العلاقة الصحيحة بين الحاكم والمحكوم القائمة على التعاقد الاجتماعي الحديث القائم على الديمقراطية والحرية والمدنية , ونحن”كأصحاب فكر حر” نسعى لتحقيق هذه النتيجة منذ فجر ثورة التغيير في المنطقة العربية متمنين عدم استمرار سقوط الضحايا من كل جهة و كنا ومازلنا نسعى لتخليصكم من روح العبودية التي احتبست عقولكم في كهف الاستبداد والعبودية العفن وصرخات مُتظاهرينا ومقالات مثقفينا كانت لهذه الغاية النبيلة التي كانت النور الذي أبهركم في ظلمتكم ولم تدركوا فوائده حتى الآن , ومنكم الكثير من تلذذ بقصفنا وموتنا في أقبية المعتقلات جوعاً ومرضاً , فالقيادة الحكيمة بحسب تعبيركم كانت ماهيتها ديكتاتورية مناطها الشر المطلق والاعتداء على حرية الناس بمجرد وجودها الموضوعي في هذا المجتمع ,فنصيحتنا لكم أن “تعارضوا” بوعي وأن تسموا الأمور بمسمياتها وأن تقروا بالخلل الجسيم في المجتمع الذي أحدثه تأييدكم لنظام قمعي فتلك ستكون بداية انبلاج برعم الوعي الحقيقي لديكم مُطهراً من كل مصلحة آنية غير شرعية وهبها نظام الطاغية لكم وهنا أقصد المستوى الشعبي من المؤيدين لنظام الإجرام وليس أساطين المال السلطوي, فالحق لا يتعدد ومحاولة تمييع الحقيقة لا يمكن أن تكون إلا دجلاً إيديولوجياً يرقى للتستر على جريمة بحق شعب كامل بعد كل هذه الدلائل على الولوغ في دماء وأموال الناس وإلا فمن لم يدفع ثمن التغيير سيدفع ثمن عدم التغيير .

قد يعجبك ايضا