مهرجان الطين، خارج عن المألوف وانتقاد محق
فادي شباط |شبكة مراسلي ريف دمشق
كرة قدم في ملعبٍ من الوحل، والتزلج على الطين، وإخلاء خيامٍ من مياه السيول، وأنشطة أخرى قام فيها منظمو مبادرة “سنشد عضدك بأخيك” بالمشاركة مع قاطني “مخيم البراعم” الواقع بالقرب من “مدينة سرمدا – شمال ادلب”.
كما العادة المُعتادة انقسم الشارع “الثوري” بين مؤيدٍ للفكرة ومعارضٍ لها، بين غاضبٍ وممتن، كيف لا، وهل اتفقنا يوماً على فكرةٍ ما سوى إسقاط نظام الأسد المجرم، وهل ننكر عجز كافة أوساطنا “القانونية – الإعلامية – السياسية – وغيرها” عن الاتفاق على أبسط الأمور ولا زالت، فأين الجديد في اختلاف وجهات النظر الذي بات طبيعياً، باعتبار جميع الآراء تنطلق من الحرص على قاطني المخيمات وتصب في الهدف ذاته؟.
في دائرتنا الثائرة تتعدد قراءات نشاط “مهرجان الطين” الذي تصدر الشاشات ووسائل الإعلام المحلية والعالمية، شاهدته هادفاً إلى تسليط الضوء على معاناة قاطني المخيمات وإيصال صورة الظروف السلبية المتكررة التي يعيشونها وسط قهرهم وعجز حكومات الأمر الواقع وكل من فرض نفسه ولي أمرهم عن التخفيف عنهم، لا سيّما وأن الخبر السوري تراجع كثيراً في الآونة الأخيرة بفعل تبدل توجهات ومسارات القوى الدولية والإقليمية وتغيير أولوياتها.
سنواتٌ ونحن نناشد باستخدام الوسائل النمطية والتقليدية التي اعتدناها منذ أن ضعفت ثورتنا وأُقحمت المناشدة في قاموسها، كما اعتاد المجتمع الدولي الصامت عليها، لكن هذا النشاط يُعد مناشدةً خارجةً عن المألوف، إذ يراها كثيرون مبتكرةً، وما أحوجنا لمثلها، علّها تُساهم في طرح المعاناة والأعباء والواقع المُعاش بطريقة ساخرة رُبما تحرك المشاعر الإنسانية للشعوب المُغيبة، لتعود بالفائدة على قاطني المخيمات التي تجاوز عددها 1304، بينها 393 مخيم عشوائي، يقطن فيها قُرابة مليون وربع مليون إنسان، تضرر منها جراء الهطولات المطرية الأخيرة 228 مخيماً يقطنها حوالي 35 ألف إنسان.
لا بدّ للأنشطة الغير مألوفة من إثارة التساؤلات لدى متابعيها، أبرزها “من هؤلاء – من أين – كيف وصلوا لهذا – متى – لماذا”، وتكمن الأجوبة بعد بحث المتلقي عن الحقيقة المطلقة التي تؤكد ارتكاب نظام الأسد المجرم وحلفاؤه جرائم حرب بحق الشعب السوري الثائر وفقاً للأعراف الإنسانية السائدة والقوانين الدولية.
كثير من القوى تُريد تضاعف أعباء السوريين الثائرين، وتريد قهرهم والخلاص منهم أمواتاً أو أحياء، فلا يجب أن نُدفع إلى الاستسلام جرّاء تجاهل المجتمع الدولي صرخاتنا، وبالشكل الطبيعي لو أصغت تلك الأنظمة لمطالبنا “بالحدود الدنيا” لما احتجنا لمثل هذه الأنشطة.
أمّا فيما يتعلق بالناشطين الإعلاميين وغيرهم، فيجب التنويه أن مناطق شمال سوريا الخارجة عن سطوة نظام الأسد مليئة بالأحداث الساخنة الصالحة للتغطية، لا سيّما مع تعدد سلطات الأمر الواقع، وما عاد يُخفى أن مستوى البطالة يرتفع يوماً بعد الآخر، والفقر في حالة ازدياد، ولذلك آثار اجتماعية سلبية لا تُحمد، بالتالي لا يحتاج الناشطون لصنع أحداث يُمولون أنفسهم من خلالها.
“مهرجان الطين” الذي حاكى الواقع وجسد المعنى الحقيقي لـ “لن نموت أحياء” يُمكن ترجمته أيضاً على أنّه تهديدٌ مباشر لكل من يطمح إلى رئاسة سوريا في المستقبل بعد نظام الأسد، ورسالة واضحة بأننا شعب قادر على الحياة في أقسى الظروف على أن لا يحكمنا نظام دكتاتوري.