فادي شباط |شبكة مراسلي ريف دمشق
ما إن أعلن نظام الأسد منذ أيام قليلة توقيع اتفاق مع جمهورية أبخازيا “كما تُعرّف نفسها” يقضي بالإعفاء المتبادل من سمات الدخول لمواطني البلدين حتّى انتشر الخبر سريعاً بين السوريين على منصات التواصل الاجتماعي، فهذا يسأل عن مواردها وطبيعة الحياة فيها، وذاك يتساءل عن كيفية الوصول إليها وما قيمة التكاليف.
في ذات الوقت الذي يحاول فيه نظام الأسد حثّ وإقناع أكثر من 7 ملايين لاجئ سوري حول العالم بالعودة إلى سوريا، تتجدد آمال السوريون العالقون في الداخل بالسفر والهروب، بحسب ما بيَّنهُ محرّك البحث “google” مؤخراً، إذ تصدرت أبخازيا قائمة البحث في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية، لتتبيَّن مدى رغبتهم العميقة بالهروب، كيف لا، وقد تضرروا جميعاً من الحرب التي فرضها نظام الأسد عليهم منذ تسع سنوات ولا زالت مستمرةً منتصرةً على الآمال المعقودة بخلاصٍ قريبٍ يسوده الأمان والاطمئنان ولقاء الأحبة.
كيف لا والأبواب كلها مغلقة، الانكماش الاقتصادي سيد المشهد، الموارد تتقلص، الأزمات تتفاقم، واحتياطي البنك بين الطغمة الحاكمة مقسوم، القطاع التعليمي مكلوم، السياحي مزكوم، الصحي بالدولار محكوم، كورونا بأثر انتشاره الكثيف دون الحد منه مصدوم، والطفل منذ يومه الأول مفطوم، والده في تأمين أبسط المتطلبات مهموم، من بلوغ الرفاه معصوم، وسوق العمل معدوم، الراتب الشهري إن وُجد دون الـ 30 دولاراً في أحسن أحواله مأزوم، وطريق الهروب للمهزوم بلقمة عيشه مفقود ملغوم، والنظام المشتوم بقاءه على المدى المنظور برغبة الأمم يبدو محسوم، والكل من بصيص أملٍ، من الأمان، من الهواء، من الضوء ممنوعٌ محروم، هذه بلد الطوابير لا شيء بات فيها معلوماً أو مفهوم.
العديد من الحقائق لم ينتبه لها أكثر السوريون جراء اندفاعهم، فالاتفاق لا يشمل حاملي جوازات السفر العادية، إنما المقصود به حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية والموظفين الخارجيين بمهام اقتصادية أو غيرها والجوازات الخاصة، ويتمكن من الحصول عليها “محافظو المحافظات وزوجاتهم وأولادهم القصّر – الموظفون العاملون من درجة وكيل وزارة فما فوق ومن في حكمهم وزوجاتهم وأولادهم القصّر – أعضاء مجلس الشعب – الوزراء السابقون – السفراء والوزراء المفوضون السابقون – الموظفون السوريون في جامعة الدول العربية – الموظفون الإداريون والكتابيون الملحقون بالبعثات الدبلوماسية والبعثات لدى المنظمات الدولية”، بالتالي فإنّ حاملي جوازات السفر العادية يحتاجون بالضرورة إلى تأشيرة دخول مسبقة.
كما أنّ التوجّه إلى جمهورية أبخازيا ليس بالأمر السهل، إذ لا تحوي مساحتها البالغة “8432 كيلومتر مربع” على مطار دولي واحد، مما يفرض على الراغبين بدخولها إلى تأمين “تأشيرة ترانزيت” من السفارة الروسية إضافةً إلى طلبهم “تأشيرة دخول” من سفارة أبخازيا، ثم السفر إلى مطار سوتشي الروسي ومنه براً إلى أبخازيا باستخدام جواز السفر العادي.
برغم التكلفة الرخيصة للحصول على جواز سفر من داخل سوريا، إلّا أن حمله مثل عدمه، حيث توقفت كثير من الدول منذ سنوات طويلة عن منح تأشيرة دخول للسوريين، لتبقى آمال السفر معقودة إلى 33 دولة لا تطلب تأشيرة أو تمنح التأشيرة عند الوصول أو تطلب تأشيرة الكترونية.
وتبلغ تكلفة الحصول على جواز السفر من داخل سوريا بشكل عادي روتيني 12700 ليرة سورية، وبشكل مستعجل 30800 ليرة، أي بالحالتين بنحو لا يتجاوز 16 دولار أمريكي، أمّا الحصول عليه أو تجديده في القنصليات السورية خارج سوريا يُكلف 400 دولار للعادي و800 دولار للمستعجل.
وتسمح 6 دول فقط بدخول السوريين إليها بلا تأشيرة وهي “دومينيكا – هايتي – إيران – ميكرونيزيا – فلسطين – السودان” والأخيرة تطلب تأشيرة دخول في حال كان حامل الجواز السوري مقيم خارج سوريا، وتتراوح فترة الإقامة المسموحة في الدول الستة بين 21 و 90 يوم، فيما تمنح 15 دولة تأشيرة الدخول بعد الوصول إليها وهي “بوليفيا – الرأس الاخضر – جزر القمر – لبنان – جزر المالديف – موزمبيق – نيجيريا – بالاو – ساموا – السنغال – سيشيل – الصومال – توجو – توفالو – اليمن”، وتسمح 12 دولة الدخول إليها بموجب تأشيرة الكترونية وهي “جنوب السودان – رواندا – جيبوتي – اثيوبيا – الغابون – غينيا – غينيا بيساو – ليسوتو – مدغشقر – ملاوي – سورينام – أوغندا”، وبطبيعة الحال التأشيرة الالكترونية ليست سهلة المنال.
ومن الملاحظ أنّ سوريا تشارك تلك الدول بنقص الموارد وانهيار مستمر للاقتصاد وتدني قيمة العملة الوطنية أمام العملات الصعبة، ناهيك عن أنّها دول ربما لم يسمع بها أكثر السوريين إلا في السنوات القليلة الأخيرة.
وبرغم من اعتلاء جواز السفر السوري هرم أغلى جوازات السفر في العالم إلا أنّه في المرتبة 107 بحسب مؤشر Henley Passport Index العالمي، أي في المركز الثاني ما قبل الأخير، حيث يحل العراق في المرتبة 108 وأفغانستان في المرتبة 109، بينما في العام 2010 كان خلفه
و في إطار البحث عن مخرج لعزلة الجانبين إقليمياً ودولياً اعترف نظام الأسد بجمهورية أبخازيا في أيار 2018 معلناً إقامة علاقات دبلوماسية معها، وافتتحت أبخازيا سفارتها بدمشق في 6 تشرين الأول 2020.