عائشة محمد| شبكة مراسلي ريف دمشق
تعتبر الحضانة مهمة جدًا في حياة الطفل ليس فقط لأنها تريح الأم وتقلل من الأعباء الملقاة عليها أو تكون حلاً أثناء وجودها في العمل، بل هي هامة جدًا من حيث أن اندماج الطفل فيها يعتبر بمثابة أول اختبار له في مواجهة الحياة والتعامل مع الناس وحده.
ففي فترة الحضانة يعتاد الطفل على كيفية اللعب مع زملائه وكيفية إنشاء صداقات، وكيفية حل المشاكل بنفسه، وكيفية التعامل مع من هم أكبر منه، كذلك كيف يتعامل مع الأطفال الآخرين ذوي الطباع المختلفة، ثم إنه يتعلم الاعتماد على نفسه ويكتسب سلوكيات وعادات إيجابية جديدة مثل: النظام والمسؤولية والأخذ والعطاء.. بعدما كان يأخذ فقط.
كذلك يبدأ في الحضانة بتلقي التعليمات لأول مرة من أحد غير والديه ، ويعي أنه يقضي عددا من الساعات بعيدا عنهما فيتفاعل اجتماعيا ويخرج من النطاق الضيق وهو نطاق التعامل مع أسرته فقط، وتتسع حياته لتضم أيضا أصدقاء وزملاء وأشخاص آخرين، فيعيش الشكل الطبيعي والواقعي للحياة، وهو أن أمه هي جزء من حياته وليست كل حياته.
كل هذه المعاني مهمة لتساهم في بناء شخصية للطفل واثقة وقادرة على التعامل مع المواقف المختلفة، فإذا جاءت فترة المدرسة التي فيها الكثير من الالتزامات والواجبات والوظائف يكون الطفل قد أصبح مؤهلا للتعامل معها، حيث تكون الحضانة قد مهدت الطفل للانتقال من مرحلة التعلق الشديد بالأم وبالبيت إلى مرحلة جديدة هامة جدا وهي مرحلة التعليم والدراسة، فيكون اندماجه فيها أكثر نجاحا وسلاسة لما اكتسب من مهارات التعامل مع الآخرين في الحضانة وأصبح أكثر استقلالا، فيتفرغ بهذا للدراسة ومصاعبها وليس لكيفية التأقلم للإطار الجديد.
وتؤكد الدراسات أن الأطفال الذين التحقوا برياض الأطفال أو دار الحضانة وجد أنهم أفضل في مستوى النمو اللغوي والمهارات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين من الأطفال الذين التحقوا بالمدرسة مباشرة دون هذه المرحلة التمهيدية.
إذا رجعنا إلى فوائد الالتحاق بالحضانة وإلى المطلوب من الحضانة تأكدنا أن التحاق الطفل بالحضانة يساعده على التفوق مستقبلاً، وتعتبر الحضانة البداية الحقيقة لاكتشاف مواهب الطفل وتوجيهها توجيهًا سليمًا، وهذا يتوقف على دقة المعلمة في ملاحظة الأطفال لمعرفة موهبة كل منهم وتنميتها.
تُبيِّن الدراسات أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة تمثل نحو 90% من أطفال تلك المرحلة، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10%، وما إن يصلوا إلى السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط، مما يعني أن شيئًا ما في المنظومة التربوية التي ترعى الطفولة في تلك المرحلة يتسبب في إجهاض تلك المواهب الفطرية فيما يُشبه الاغتيال، وهو ما ينبه إلى أن السنوات الخمس الأولى تعتبر من الأهمية بمكانٍ في حياة الطفل؛ حيث تصقل شخصيته ويتعلم فيها مجموعة كبيرة من العادات والتقاليد، فهي تُشكِّل 85% من معارف الطفل وإبداعاته، وفي الوقت الراهن يقضي الطفل هذه السنوات الخمس- غالبًا- في الحضانة؛ ولذا فلا يمكن التغاضي عن تأثيرها على الأطفال سلبًا أو إيجابًا.
وهناك فوائد تربوية أيضا مثل: تعلم السُنن والآداب والسلوكيات الطيبة، وفوائد تعليمية: مثل المحفوظات المفيدة من القرآن والحديث وبعض الأغاني والأناشيد الهادفة، وبدايات القراءة والكتابة والحساب (وذلك في السن المناسبة)، هذا إلى جانب فوائد تربوية أخرى: كتوسيع بيئة التعامل لتشمل غير أفراد أسرته، سواء المربيات والعاملات والمعلمات، وكذلك رفاقه من الأطفال، وبالتالي البدء في التعامل مع المنظومة الاجتماعية خارج نطاق الأسرة؛ مما ينمي الاستعداد المبكر للاعتماد على الذات وتحمل المسئولية، والتعود على الجو الدراسي تمهيدًا للالتحاق بالمدرسة بعد ذلك.
ماذا يكتسب الطفل في دور الحضانة؟
الدكتورة مريم ستوبارد، الخبيرة البريطانية في صحة ورياض الطفل، في كتابها «دليل رعاية الطفل».
تعليم الأطفال من أهم القضايا التي تؤرق بال الآباء والأمهات، حيث يرغب كلا الوالدين في أفضل وأرفع نظام تعليمي لطفلهما، وأحيانا يكون ذلك في سن مبكرة جدا، ولا سيما في هذا العصر مع حاجة الأم إلى العمل لأسباب مختلفة.
وتشير تقارير وزارة العمل الأميركية أن مشاركة المرأة في القوة العاملة تضاعفت بمقدار ثلاثة أضعاف في الفترة من 1950 إلى 1985، حيث تمثل المرأة الآن 50% من إجمالي القوى العاملة الأميركية.
عندما يستغرق الآباء والأمهات في المزيد والمزيد من العمل أو غيره من الالتزامات، يدفع بالأطفال الصغار إلى دور الحضانة والرعاية النهارية في بعض الأحيان في سن أصغر من السنة، خصوصا إذا لم يكن هناك شخص آخر يمكنه العناية بالطفل.
وتعرف موسوعة صحة الطفل تعليم الأطفال قبل سن المدرسة بأنه برنامج تعليمي في مرحلة الطفولة المبكرة، يجمع بين التعليم واللعب عبر برنامج يديره أفراد مدربون تدريبا مهنيا، وعادة تتراوح أعمار الأطفال الذين يلحقون بمثل هذه البرامج التعليمية بين ثلاث وخمس سنوات، وهناك بعض المدارس التي تستقبل أطفالا لا تتجاوز أعمارهم السنتين، وتختلف مراكز الرعاية النهارية ومدارس التعليم المبكر عن مراكز الرعاية النهارية التقليدية، لأنها تركز على التعليم والتنمية بدلا من تمكين الوالدين للعمل أو متابعة الأنشطة الأخرى فقط.
يقدر في بريطانيا أن 250 ألف طفل تقل أعمارهم عن 3 سنوات حضروا حضانة كاملة أو لبعض الوقت في عام 2008، في حين أن تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2005 أشار إلى أن هناك نقصا كبيرا في التعليم في البلدان العربية، حيث بلغت نسبة الالتحاق بمدارس الحضانة 20%، وأجمع التقرير أن أعلى معدلات للالتحاق بمدارس رياض الأطفال كانت في الكويت ولبنان والإمارات العربية المتحدة.
ولا بد أن نشير إلى أنه لا توجد في الدول العربية حاجة ماسة لالتحاق الأطفال بالحضانة كما توجد في الدول الغربية، نسبة إلى وجود مساعدة من داخل الأسرة، وأيضا لسهولة وجود مربية ترعى الأطفال.
- ما هي أهمية دور الحضانة؟
- كثير من الأطفال الذين يحضرون مدارس التعليم المبكر العالية الجودة تتغير حياتهم نحو الأفضل، ومرحلة السنوات الخمس الأولى من الحياة تعتبر من أهم الفترات للطفل حيث يكتسب فيها القدرات الأساسية التي تهيئه في وقت لاحق للنجاح في المدرسة والحياة. وبعض من هذه الفوائد هي:
يمكن للطفل أن يكتسب الثقة العالية بالنفس.
تعلم المشاركة واحترام وجود الآخرين.
زيادة فضول الطفل وتركيزه.
يحسن قدرة الطفل على الإبداع.
أظهرت دراسة أجريت مؤخرا في بريطانيا أن الأطفال الذين يذهبون إلى دور الحضانة لديهم أفضل المهارات الاجتماعية، وينمون بشكل جيد في مراحل نموهم الرئيسية.
وهناك دراسة أخرى تشير إلى أن تعرض الطفل لمزيد من الفيروسات والالتهابات في الحضانة يحسن من مناعته الطبيعية، ويقلل من خطر الإصابة بسرطان الدم.
تشغل الطفل بأصدقائه الجدد.