مراجعات على “ثورات الربيع العربي”

95

أ.منذ الخراساني | شبكة مراسلي ريف دمشق

انطلقت ثورات الربيع العربي من تونس ، حيث قدح شرارتها ( بوعزيزي ) بجسده ، وكان العقل الجمعي للشعوب العربية قد وصل إلى كبت بلغ أوجه ،
فكانت تلك الثورات هي آخر الملاذات ومنتهى الخيارات الإصلاحية ؛ من أجل التغيير الشامل للثقافة السياسية التي كرستها الأنظمة طيلة فترة تربعها على السلطة ، وهذا ما يجعل الضرورة قائمة لكتلة اجتماعية تؤمن بالوعي الثوري وضرورة قدح الشرارة الأولى للإنتفاض مهما انعكس عليها من ردود فعل عكسية من المستبدين ، ذلك أن خسائر بقائهم ومهادنتهم تفوق ضريبة الثورة عليهم وإسقاطهم .

لم تكن القطاعات العريضة من الشعوب العربية بمعزل عن تلك المتغيرات ، فقد بدأت جموع منهم تنادي بتحقيق العدالة الإجتماعية والسياسية في كل من مصر واليمن ، لحقت تلكم الدول ليبيا والجزائر والسودان ثم تزامن انتشار المظاهر الثورية في ربوع الساحات والمحافظات والأقاليم .

إن “ثورات الربيع العربي” هي أعظم تجلٍّ لإرادة الأمة وبيان حقها في اختيار ومحاسبة وعزل حاكمها ، ولنستطيع تكوين صورة شبة مكتملة ومقاربة تعبر عن الواقع الاجتماعي والسياسي الذي مرت ويمر به أغلب دول الوطن العربي – أرضاً وإنساناً – ينبغي النظر من زوايا متعددة وإدراك المؤثرات الداخلية ( اجتماعية وسياسية واقتصادية …. ) ، والدولية – اقليمية كانت أو عالمية – وفق منطق وقوانين الجغرافيا السياسية ” الجيوبوليتيك” .

ولأن المقام يقتضي التركيز على إيضاح أسباب قيام الثورة وتوصيف الوضع الراهن واستشراف المآل المستقبلي لها فإننا لن ندخل بتفاصيل وشروحات حول الجوانب التاريخية وأبعاد الصراعات الخارجية ، بل سأكتفي بإلماحات وإشارات سريعة فيما يتعلق ويرتبط -مباشرة- بهذه الثورات .

بداية : باعتقادي أن “الثورات العربية” من حيث الانتفاض على الحاكم الفرد والعقلية المستبدة التي رزحت الشعوب تحت نيرها زمناً طويلاً منهوبةً ثرواتها مصادرةً حقوقها ، منقوصةً حرياتها …. كانت من هذا الجانب ثورات شعبية وامتداد لتاريخ ثورات سابقة منذ القرن الماضي ، إلا أن ما يميزها عنها ، أنها عبرت عن خيار شعبي ووعي شبابي شاركت معه “النخبه” وحملته سياسياً ، أما تلك فقد كانت “خياراً نخبوياً” آمن بضرورة القيام بها ثلة من المثقفين والسياسيين والعسكريين ، ساندها بعد انطلاقها جزء من الشعب ، أي أن “ثورات الربيع العربي” هي (عقل الشعب) بينما السابقة كانت ( عقل النخبة ) .

( للحديث بقية) .

قد يعجبك ايضا