كارثة إنسانية غير مسبوقة يحددها مصير “معبر باب الهوى” شمالي سوريا.

311

محمد بسام | شبكة مراسلي ريف دمشق
يقع معبر باب الهوى شمال غربي سوريا ضمن محافظة إدلب، ويبعد عن إدلب المدينة ما يقارب 35 كيلومتراً، ويقابله في الجانب التركي معبر “جيلفا جوزو” التابع لولاية هاتاي التركية.
يتبع المعبر لقرية باب الهوى الواقعة على الطريق الرومانية الواصلة بين مدينتي حلب وأنطاكية، ويقع الموقع إلى الشمال الغربي من مدينة إدلب على الطريق الدولي الواصل بين بلدة سرمدا ومدينة حلب وسط سهول واسعة خصبة تسورها أشجار الزيتون وحقول القمح.
يعتبر مركز باب الهوى الحدودي بوابة سوريا الأولى باتجاه تركيا وأوروبا، ويسجل فيه أكبر عدد من القادمين والمغادرين ويشهد مركز باب الهوى الجمركي ازدحاماً شديداً لكثرة سيارات الشحن التي ترتاده وتعبر منه في الاتجاهين وأهمها سيارات المساعدات الإنسانية القادمة للنازحين الفارين من جحيم الحرب التي شنها نظام الأسد ضد شعبه،
فبحسب إحصائيات سابقة فقد أدخلت الأمم المتحدة في عام 2019 قرابة 6927 شاحنة محملة بـ147 ألف طن من المواد الإغاثية التي يحتاجها المواطنون الأصليون والنازحون في كل من إدلب وريف حلب، وفي عام 2020 بلغ عدد الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية 10412 شاحنة، تحوي ما يعادل 228 طنا، أما في الربع الأول من العام الجاري فقد بلغ عدد الشاحنات التي أدخلتها الأمم المتحدة 2800 شاحنة، محملة بـ54 ألف طن من المواد الإغاثية.
يتميز مركز باب الهوى بأنه مركز حدودي سوري متكامل فيه كافة الخدمات ومجهز بمركز إسعاف ومطعم وصالة خدمات للمسافرين وكذلك يقع داخل حرم الحدود مركز للسوق الحرة.
تمكن “الجيش السوري الحر”، من السيطرة على معبر باب الهوى وانتزاعه من قوات الأسد يوم 19 يوليو/تموز 2012 ضمن إحدى المعارك التي اندلعت في شمالي غربي سوريا.
تعاقبت على المعبر قوى عسكرية عدة لأهميته الاستراتيجية من الناحيتين العسكرية والاقتصادية، ومن أبرز تلك القوى: جبهة ثوار سوريا، وحركة أحرار الشام الإسلامية، وهيئة تحرير الشام ويخضع المعبر في الوقت الراهن لإدارة مدنية تتبع لحكومة الإنقاذ السورية في إدلب.
ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا وظهور مسألة النازحين إلى المخيمات، أقر مجلس الأمن عام 2014 السماح بعبور المساعدات الإنسانية الأممية من 4 معابر برية في سوريا، وهي باب السلامة، وباب الهوى (مع تركيا)، واليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن.
وفي مطلع عام 2020 صوت مجلس الأمن لصالح قرار يتيح عبور المساعدات الأممية عبر الأراضي التركية من خلال معبري باب الهوى وباب السلامة، مما تسبب في إغلاق معبرين في شمالي شرقي وجنوبي سوريا.
وفي يوليو/تموز من العام الماضي استخدمت روسيا حق النقض ضد مرور المساعدات الإنسانية من معبري باب الهوى وباب السلامة، ليقتصر دخول المساعدات على معبر وحيد منذ ذلك الوقت، وهو معبر باب الهوى.
ووسط مخاوف من إغلاق شريان الشمال السوري الوحيد قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن إغلاق معبر حدودي تمر عبره مساعدات إنسانية إلى سوريا يمكن أن يتسبب في “قسوة بلا معنى” لملايين السوريين، وجددت دعوة مجلس الأمن الدولي إلى تمديد الإذن بتسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
وقالت توماس – غرينفيلد للصحفيين: “إذا تم إغلاق هذا المعبر الحدودي فسيتسبب ذلك في قسوة لا معنى لها ولولا هذا المعبر الحدودي لمات السوريون”.
وأدلت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد بهذه التصريحات في نهاية زيارة استغرقت ثلاثة أيام لتركيا، شملت زيارة معبر باب الهوى الحدودي، الذي يمثل نقطة الوصول الأخيرة المتبقية لدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
وتسعى الولايات المتحدة إلى إعادة السماح بوصول الأمم المتحدة إلى باب الهوى وإعادة فتح المعابر الحدودية الأخرى قبل انتهاء التفويض الحالي الصادرعن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتسليم المساعدات الإنسانية في 10 يوليو.
وقالت توماس-غرينفيلد “لدينا علاقة استراتيجية دقيقة مع حليفتنا في الناتو تركيا، نتفق في بعض المجالات ونختلف في أخرى واستمرار وصول مساعدات إنسانية عبر الحدود إلى سوريا واحد من المجالات التي تتوافق قيمنا بالكامل حولها”.
كما أعلنت توماس-غرينفيلد عن نحو 240 مليون دولار من المساعدات الإنسانية الإضافية من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لدعم السوريين والدول التي تستضيف لاجئين سوريين.
وفي حال تم استخدام الفيتو الروسي ضد القرار المعني بدخول المساعدات عبر معبر باب الهوى في العاشر من الشهر الجاري يقول مسؤولون ونشطاء إغاثيين إن ذلك سيؤدي إلى “كارثة إنسانية غير مسبوقة” ويشير المسؤولون والنشطاء إلى خطوات تمهيدية بدأت موسكو بالعمل عليها في الأيام الماضية، أولها القصف الذي نفذته على شاحنات تحمل مساعدات إنسانية بالقرب من المعبر، بالإضافة إلى الطرح الذي قدمته لفتح ثلاثة معابر داخلية بين مناطق سيطرة النظام السوري والمناطق المحررة في الشمال السوري، فمنذ أيام كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت عن اتفاق ينص على فتح ثلاثة معابر داخلية بين مناطق سيطرة النظام السوري والمناطق المحررة، على أن تتوزع على معبرين في إدلب وآخر في ريف حلب الغربي، لكنّ هذا الاتفاق لم يصدر عنه أي تعليق رسمي من الجانب التركي والذي يُعتبر طرفاً أساسياً للقبول به أو رفضه.
والجدير بالذكر أن أعداد النازحين السوريين بلغت بشكل تقريبي حتى هذه الأثناء نحو 2.1 مليون نازح من أصل أكثر من 4 ملايين سوري يقطنون مناطق الشمال السوري المحرر، في حين يبلغ عدد سكان المخيمات مليوناً و43 ألف و869 نازحاً يعيشون ضمن 1293 مخيماً من بينها 282 مخيماً عشوائياً أقيمت في أراضٍ زراعية، وجميعهم مهددون بالخطر في حال توقّف تدفق المساعدات الأممية إليهم.

قد يعجبك ايضا