علي ياسين | شبكة مراسلي ريف دمشق
دائماً ما يقال أن لكل شيء بداية، وفي الثورة السورية آلاف القصص والأسماء الذين حفروا أسماءهم عميقةً في ذاكرة التاريخ، والذين لطالما اعتُبرت حياتهم التي قدّموها في سبيل قضيتهم إلهاماً لملايين الثوار بشتى المجالات والأصعدة، وفي تاريخ اليوم تستعيد الغوطة الشرقية حدثاً أطلق شرارة الثورة فيها، وكان سبباً لانتشار المظاهرات الرافضة لحكم الأسد عام 2011 وأشعل فتيل الثورة والرفض العلني في مراحل السلمية الأولى.
مطلع شهر نيسان عام ٢٠١١، خرجت أولى التظاهرات من الجامع الكبير في مدينة دوما كنصرة للمظاهرات التي خرجت في محافظة درعا، انطلق عدد من الشباب في مختلف مدن الغوطة الشرقية ضمن مراحل السلمية الأولى، ومع هتاف الحرية الأول أطلقت قوات الأسد العنان للشبيحة وعناصر الأمن لقمع المظاهرات وإيقافها بأي ثمن، على الرغم من هتاف “الجيش والشعب إيد وحدة”، كان أصحابه مؤمنين بالجيش والأمن كجهة مخوّلة لحماية الشعب السوري، لكن حصل ما هو العكس!، حيث انهالت سيول الرصاص الحي وسط تجمعات المتظاهرين لتقتل 8 شهداء.
وقد تحدث الناشط الإعلامي ومدير المكتب الإعلامي الموحد في مدينة عربين “أبو اليسر براء” لشبكة مراسلي ريف دمشق عن ما رآه في ذلك اليوم، حيث قال: “خرجت أولى المظاهرات في جمعة الشهداء بداية شهر نيسان عام 2011 في الجامع الكبير في مدينة دوما حيث هتف الآلاف من المتظاهرين بالحرية وإسقاط النظام، وقد عمد عناصر الشبيحة إلى ترك المتظاهرين حتى فترة المساء لحشد أكبر تجمع ممكن، وشنّوا هجوماً مفاجئاً على جموع المتظاهرين مستخدمين الرصاص الحي والمباشر والقنابل المسيلة للدموع، وأدى ذلك لارتقاء 8 شهداء من مدينة دوما وشهيدين من مدينة عربين وشهيد آخر من مدينة سقبا، بالإضافة إلى إصابة العشرات”.
ويتابع أبو اليسر في تداعيات ذلك اليوم على المدنيين والأهالي: “كنت الوحيد الذي تمكن من تصوير أحد الشهداء، وقد أصدرت حكومة الأسد قراراً يقضي بمنح تعويضات بقيمة مليون ليرة سورية للقتلى، إلا أن التعويضات لم يتم تقديمها على الرغم من تسليم المقطع المرئي الذي صورته لأحد الشهداء، لأفاجأ بعد فترة بوجود أسماء جميع من وثقوا أحداث ذلك اليوم على قوائم المطلوبين للأفرع الأمنية”.
لم يتوانى إعلام الأسد عن وصفهم بمندسين ومخربين، حيث أصدرت قنوات الأسد التلفزيونية تقارير عن عمليات تخريبية واشتباكات أدت لمقتلهم جميعاً، وقد أثار قتل الشبان العزل غضب الغوطة الشرقية بأكملها، لتخرج بتشييع مهول في الثالث من شهر نيسان عام 2011، حيث قارب عدد المدنيين بموكب التشييع في مدينة دوما النصف مليون متظاهر، هتفوا ضد الأسد ونادوا بإسقاط النظام، وتعد المظاهرات التي خرجت في مدن دوما وسقبا وعربين بادرة شرارة الثورة والتي ستتضمن فيما بعد أسماء مئات الآلاف من الشهداء.
مضت ١٠ سنوات على هذا اليوم المشهود الذي ألهم ملايين السوريين بالخروج من دائرة الخوف والمضي في الثورة في أشهر السلمية الأولى، وعلى الرغم من التهجير القسري وإبعاد الآلاف عن أراضيهم ومدنهم فقد بقي الشهداء الأوائل عالقين في أذهانهم، علّهم يستطيعون تحقيق ما نشدوه في بداية الثورة.