حي القدم تجسيد للصراع الإيراني الروسي وسط ظروف إنسانية صعبة
أمين الشامي-علي ياسين |شبكة مراسلي ريف دمشق
قالت مصادر خاصة لشبكة مراسلي ريف دمشق أن روسيا اعترضت على إقامة مشروع “باسيليا سيتي” والذي عزم على إنشائه مستثمرون إيرانيون بداية الشهر الماضي، وكان يهدف إلى محو معالم حي القدم في جنوب دمشق وتغيير اسمه تمهيدًا لتوطين عائلات الميليشيات الأجنبية، بالإضافة إلى سلسلة أعمال استثمارية أخرى ضمن المشروع.
وأشارت المصادر إلى الإلغاء الكامل للمشروع، ويأتي ذلك في إطار سيطرة الروس التدريجية على مفاصل الحياة المختلفة في الحي، حيث نشرت بعض صفحات السوشال ميديا زيارة لضباط روس إلى المدارس والمؤسسات الحكومية تمهيداً لإعادة تأهيلها، وأظهرت الصور التي تم تداولها مؤخرًا وفوداً من الضباط الروس في زيارات مختلفة، حيث قدموا وعوداً بإعادة تأهيل المراكز الحيوية.
إلا أنّ الحي لم يشهد أي تحسن بل على العكس تماماً، حيث شهد انقطاع شبه كامل للخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء وندرة توفر مادة الخبز، مما اضطر أغلب المواطنين إلى الوقوف في طوابير طويلة لا يقل وقت الانتظار فيها عن ٥ ساعات للحصول على أقل من 1 كيلو خبز وهي معاناة مستمرة بشكل يومي.
بالنسبة لوضع الطاقة الكهربائية تحدث المصدر عن تقنين شديد في أوقات عمل الكهرباء حيث أنها تعمل ساعتين فقط بشكل متقطع يومياً بالتزامن مع الارتفاع العام في أسعار الوقود.
رافق سوء الأوضاع المعيشية هذه انتشار واسع للانحلال الأخلاقي، حيث تحدث المصدر عن رعاية ميليشيا الأسد للمنازل المشبوهة وزيادة أنشطة تهريب المخدرات برعاية ضباط رفيعي المستوى، وسط استياء عام من الأهالي يحول دون قدرتهم على الاحتجاج على الوضع الحالي بسبب الخوف من الاعتقال.
بينما تتم ملاحقة أي شخص ملتزم دينياً، واختلاق تهم الإرهاب والانتماء لجماعات متشددة، وقد استغل عناصر الشبيحة هذا الأمر بتصفية حساباتهم الشخصية مع المدنيين والسيطرة على مفاصل حياتهم بالإضافة إلى تحصيل أتاوات مالية تحت ذرائع مختلفة.
إذا كنت قد نزحت من حي القدم نتيجة العمليات العسكرية التي نفذتها ميليشيات الأسد ضد المدنيين بداية عام 2012 والتي استمرت حتى أواخر عام 2017، وتريد العودة إلى منزلك، فالرجوع متاح ومسموح لكن يجب عليك المرور بعدة عقبات ، أولها معرفة الطريق الذي ستسلكه للوصول إلى الحي، فقد أفادت المصدر أن ميليشيات الأسد أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى حي القدم منذ أوائل 2013 باستثناء بعض شوارع الحي الرئيسية، وهي المدخل من الجهة الجنوبية الغربية والمدخل من الجهة الشمالية الغربية للحي، كما تم فتح طريقين من الجهة الشرقية نهاية العام الفائت، أما عن باقي الطرق والمعابر المؤدية إلى الحي فقد تم إغلاقها بشكل كامل وتحويل معظمها لثكنات ومقرات عسكرية، وبعد معرفة الطريق المسموح به تبدأ الرحلة التالية، والتي تفرض عليك قضاء ساعات في الحصول على موافقة الدوائر الحكومية التابعة لميليشيات الأسد، والتي لا تخلو من بعض الرشاوى للموظفين لتسهيل عملك.
يعتبر حي القدم من الأحياء التي شاركت في الثورة السورية منذ بداياتها وكانت مسرحاً كغيرها من مدن وأحياء جنوب دمشق للعمليات العسكرية التي شنّتها ميليشيات الأسد ضد المدنيين ودارت خلالها العديد من المعارك ما بين الثوار والميليشيات الإيرانية التي لم توفر جهداً في محاولات سيطرتها على الحي حتى بعد تهجير الثوار من كافة مناطق جنوب دمشق عام ٢٠١٨.