ما بين جحيم العنصرية والهرب من بطش الأسد
قاسم زيدلاني| شبكة مراسلي ريف دمشق
لم تنشأ العنصرية كظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية وقانونية وفكرية ونفسية دفعة واحدة بل مرت بمراحل عديدة واتخذت أشكالا مختلفة حتى غدت خطرا يهدد العلاقات الإنسانية والتفاهم والسلم والصداقة بين الشعوب وهي مجموعة من المعتقدات والأفكار التصرفات والقناعات التي ترفع من شأن وقيمة جماعة معينة من الأشخاص على حساب باقي الفئات وفقا لأمور موروثة ترتبط بمقدرة الأشخاص وعاداتهم.
وفي الوقت الراهن يجد اللاجؤون السوريون في تركيا أنفسهم أمام سيل من العنصريين الأتراك ضدهم والذي بات خطراً يهدّد حياتهم بشكل مستمر إذ وصلت ببعض أصحاب هذا الفكر إلى ارتكاب جرائم قتل عدة ضد السوريين ظناً منهم أن اللاجئين سبب الركود الإقتصادي الذي تعاني منه تركيا، فقد سجّلت البلاد حوادث قتل عدة، كان آخرها في السادس من يونيو/ حزيران الجاري إذ أقدم ستة شبان أتراك على قتل اللاجئ السوري شريف خالد الأحمد (21 عاماً) في منطقة باغجلار في إسطنبول، وفي حديث خاص لشبكة مراسلي ريف دمشق من “محمد ق” وهو مواطن سوري هجر من الغوطة الشرقية مطلع 2018 واتجه إلى تركيا ليفتتح متجرا للألبسة الجاهزة يقول بأن البعض من الأتراك عندما يدخلون إلى متجره لشراء الألبسة يخرجون من محله ممتنعين عن شراء أي شيء لمجرد أن لاجئ سوري يعمل فيه.
أما صاحب المطعم الصغير في مدينة اسطنبول فقد قال إنه يجد أوراقاً صغيرة أمام باب منزله تحمل عبارات عنصرية مطالبة جميع السوريين بالرحيل إلى أرضهم، بالإضافة إلى قيام بعض الأتراك برمي القمامة أمام مطعمه بعد أن يغلقه في المساء وسط مخاوف على عائلته من التعرض للأذى بسبب خطاب الكراهية المتزايد.
يقول الناشط السوري في الدفاع عن حقوق اللاجئين طه غازي لموقع العربي الجديد إنه يجب حماية اللاجئين السوريين وكشف الأكاذيب والحد من خطاب العنصرية والكراهية الذي يهدّد المجتمع التركي. ولا يقع الأمر على عاتق الحكومة التركية فحسب، على الرغم من دورها الأساسي كونها الناظمة للقوانين والعقوبات ويتوجب عليها حماية وإنصاف كلّ من هم على أرضها، بل تتحمّل المنظمات الحقوقية والإنسانية جزءاً كبيراً من المسؤولية كونها أكثر قرباً من الشارع وتمثّل كلّ أطياف المجتمع وليس النهج الحكومي فقط. ويشير إلى عشرات اللقاءات والندوات التي أقيمت أخيراً وشارك فيها سوريون وناشطون ناقشوا قضايا اللجوء وحقوق السوريين، وقد نظمها تجمع ومنتدى حقوق الإنسان والأمن الاجتماعي في إسطنبول. كما بحثت القرارات التعسفية التي أصدرتها بعض الجهات التركية الرسمية (إدارة الهجرة) كتجميد بطاقات الحماية المؤقتة (الكملك) والترحيل القسري.
وكان مركز حرمون للدراسات المعاصرة قد استضاف مؤخرا، أكاديميين وسياسيين ومحامين أتراكاً معنيين بقضايا اللاجئين وحقوق الإنسان وناشطين وباحثين سوريين، للبحث في أزمة السوريين في تركيا والسيناريوهات المستقبلية.
وفي ذات السياق أكدت صحيفة يني شفق أكثر من مرة أن الخطاب العنصري المعادي للأجانب الذي يقوده زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ، وحزب الشعب الجمهوري، وحزب الجيد أدى إلى تصعيد العنف العنصري تجاه اللاجئين السوريين والأجانب.
وبينت الصحيفة أن هذه الأحزاب تقوم بنشر معلومات مضللة عن السوريين المقيمين في تركيا كل يوم على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، وتنجح في استفزاز أتباعها ما يؤدي إلى تفاقم الأمور.
وتُسهم أحزاب المعارضة التركية، في ازدياد حالات العنصرية في صفوف المواطنين الأتراك، وذلك بسبب تحريضهم المتواصل على التواجد السوري في تركيا، لتحقيق مكاسب سياسية في الانتخابات المقبلة، فضلاً عن قيامها بنشر معلومات كاذبة تتعلق بأعداد السوريين، والمساعدات المُقدمة لهم من قبل الدولة التركية.
ووصل عدد اللاجئين السوريين المسجّلين تحت بند “الحماية المؤقتة” في تركيا، إلى 3 ملايين و 710 آلاف، بينما وصل عدد السوريين حاملي إقامات العمل والدراسة إلى مليون و 207 آلاف، وذلك وفق إحصائية صرّح بها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، منتصف أيلول الماضي.