عائشة محمد | شبكة مراسلي ريف دمشق
يتساءلون:
هل أنتم أبناء الثورة؟
ماذا حصل؟
ولماذا حصل هذا؟
كيف بدأتم؟
لماذا لم تنتصروا؟!
انطلاقا من درعا بدأناها سلمية والشعب السوري واحد، بدأنا مظاهرات امتدت لكل المناطق السورية.
كل سوري شريف خرج وكان عنواناً مضمونه (يلي ما بشارك معنا ما فيه ناموس).
خرجنا ونحن على أمل أننا سنحل القضية حاملين راية السلمية، فتفاجأنا بعناصر النظام -الذين كانوا أساساً إخوتنا- يواجهوننا بالرصاص، ويقتلوننا ويعتقلوننا!
كثرت المآتم في منازلنا، واشتد الأمر وعظُم في صدورنا.
حملنا السلاح وخرجنا مدافين عن كلمتنا (الحرية)، وكلفتنا الكثير
بدءوا بقذائف الهاون التي قتلت كثيرا من الأحرار رجالا ونساء وأطفالا على حد سواء، وكل ما كنا نملكه سلاح خفيف!
واجهنا به سلاحهم الثقيل والعدة والعتاد والمجنزرات والطائرات المروحية..
اعتقلوا الكثير من الشباب وارتقى الكثير من الشهداء، وبدأت أعداد الجرحى بالازدياد، عندها بدأ التصعيد.
لم يستطع إجرام النظام وإرهابه ثني عزائما ودحرنا عن الطريق نحو الحرية، وشكلنا الكتائب والألوية من خيرة الشباب السوريين وخيرة العالم بجنود أرض الشام الشرفاء.
بدأت المعارك وتدخلات بلاد الغرب، وأصبحت الحرب حرب دولية لاستنزاف دم الشعب السوري العريق، عنوان الخير والمحبة، وجعله عبرة لشعوب العالم
تواجهت الانشقاقات والكتائب بالمدافع والطيران، رغم كل القصف الوحشي والهمجي الذي كان يستهدفهم ويستهدف المدنيين كانوا صامدين ومازالوا.
خسرت الثورة خيرة شبابها وقوادها ومن تركوا أموالهم وأهلهم ليرفعوا راية الحرية بالسلاح في وجه الظلم، قوات الفصائل كثرت وأصبحت الحرية رمز كل سوري، ونهضت لإسقاط النظام مظاهرات بالسلاح ليدافعوا عن أرضهم وبلدهم وأسسوا دولة لوحدهم، تشردوا من كل سورية وجمعتهم منطقة واحدة وكلمة الحرية، تاركين خلفهم منازلهم وأعمالهم وبلاد نشأتهم ومسقط رؤوسهم.
الكبار والصغار بكوا دماً على أرضهم، الشيخ الكبير على شقاء عمره الذي ذهب هباءً، والصغير الذي لم يعرف أي بلاد هي بلاده، الكثير من الناس كانت تمتلك قصوراً تركتها وخرجت، ما الذي أجبرهم على الخروج من بيوت طوابق وقصور ليقطنوا خيمة مترا بمتر! كلما هبَّ هواءٌ بسيط تطير من فوق رؤوسهم، حرارة الشمس التي تغليهم داخلها، عائلات كاملة ماتت من البرد، وسُلِبوا أبسط حقوقهم حتى السكن تحت سقف يقيهم حرة المصيف وبرد الشتاء.
زوجات الرجال الأحرار أصبحت أرامل وأولادهم أيتاما
وما أشد وقع سؤال الطفل على رجال الثورة: (عمو وين بابا ليش استشهد) أو (وينن أهلنا وين راحوا)!
فتنهال دموع الرجال، وإن قهر الرجال لعظيم.
وماذا سيجيب؟
هل يقول: <عمو اهاليكم استشهدوا وتركوكم لتواجهوا الدنيا وتكفوا ظلم فيها على أيدي مجرم لا يعرف معنى الشفقة والرحمة! ولا انحرمتوا من أبسط حقوقكم أنكم تعملون لتعيشوا وتعيلوا اخوتكم وصار الصغير فيكم مسلوب الحق من التعليم، لأنه يعمل ليطعم اخوته ويتحمل مسؤولية اكبر من استطاعته>
مهما تعاضدت وتكاثرت جهود المنظمات، ومهما حاولوا التخفيف عنهم؛ لن يقدموا حضن أمهم وحنانها وخوف أبيهم وحمايته.
وما سبب كل هذا؟
خروجنا على طغيان وإجرام النظام، الذي لم يترك طريقة ممكن لقتلنا إلا فعلها، ولم يترك دولة خسيسة إلا حالفها ضدنا
ورغم أنف النظام، وحلفائه والعالم، مازلنا صامدين وصابرين محتسبين أجرنا عند رب العالمين.
لأن الله مولانا، ولا مولا لهم.
لا أظن أن هناك كلمات في الأرض تصف شيئا مما مر بنا في إحدى عشرة سنة من الثورة، لم تكن سهلة على الإطلاق، بل كنا نتعرض لكل أنواع الإبادة فيها، والعرب يسمعون وينظرون، والعالم يسمع وينظر.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.