علي ياسين _ أمين أبو عبد الله الشامي | شبكة مراسلي ريف دمشق
أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً صادماً حول معاناة اللاجئين السوريين في المعتقلات والسجون اللبنانية، حيث تقصّى التقرير الذي عنونته ب: “كم تمنيت أن أموت: لاجؤون سوريون احتُجزوا تعسفياً بتهم تتعلق بالإرهاب وتعرضوا للتعذيب في لبنان” عن ظروف الاحتجاز وأساليب الاستجواب داخل سجون لبنان، فقد أكد أنها تشبه سجون الأسد إلى حدّ كبير في المعاملة اللا آدمية للسجناء، حيث تستخدم المخابرات اللبنانية الضرب المبرح بالأسلحة البيضاء على كافة مناطق الجسم حتى الحساسة منها، والصعق بالكهرباء والتحرش والاعتداءات الجنسية حتى يغيب المعتقل عن الوعي أو يفارق الحياة تحت التعذيب.
التقرير وثق قيام قوات الأمن والمخابرات باعتقال وتعذيب 26 شخصاً ما بين عامي 2014 و2021 بتهم مختلفة أبرزها كان “التعاون مع الإرهاب”، حيث تقوم عمليات الضبط والاحتجاز على معلومات يقدمها مخبرون يعملون لدى قوات الأمن، ويتم سوق المعتقلين إلى مركز مخابرات الجيش في “أبلح”، أو إلى مكتب الأمن العام في بيروت أو إلى وزارة الدفاع، حيث وُثِّق شهادات لسجناء سابقين حول آليات التعذيب والإذلال المتعمد، حتى لقاصرَين من أصل ال26 تعرضا للضرب على أعضائهما التناسلية وكسر لأسنانهم عبر الضرب بقضبان الحديد، بالإضافة إلى تضمّن السجناء السابقين لعدد من النساء.
أحدُ المعتقلين ويدعى أحمد، قد قال ل”العفو الدولية” أنه عُلّق من قدميه وتم تثبيته في السقف مدة طويلة حتى قال في نفسه: “كم تمنيت أن يضربني أحد على رأسي حتى أموت”، حيث أكد أنه أجبر على الجلوس في وضعيات مؤلمة لساعات طويلة، كما قال معتقلٌ آخر أن عنصر أمن لبناني أصابه بجرح بليغ في منطقة الرأس، بالإضافة إلى ضرب مبرح تلقاه في أعضائه التناسلية جعلته يتبول دماً لعدة أيام، وقد كان صراخ العنصر الأمني الدائم له :”نحن نضربكم هنا لكي نمنع قدوم المزيد من الجراثيم التي تُخرّب المجتمع”.
في حين شهد معتقل آخر أنه أُجبر على الوقوف لأيام طويلة على قدميه، فقد كان يقف خلفه عنصر أمني يطلق النار بالقرب من رأسه حتى يحرمه من النوم، إضافة إلى أنه كان يتوسله للذهاب إلى الحمام أو الحصول على رشفة ماء.
قالت “ماري فورستي” معدّة التقرير إن المحتجزين يتم عرضهم أمام محاكمات عسكرية جائرة، حيث تصدر بحقهم أحكاماً بتهم فضفاضة يكون غالبيتها جراء موقفهم مع معارضة الأسد، ما يؤكد أن الاعتقالات تقوم على أساس سياسي بحت ولا علاقة لها بالإرهاب، كما أكدت أنه على الرغم من ارتكاب الجماعات المسلحة المتنوعة لانتهاكات عديدة إلا أنها صرحت: “أن الانتهاك الصارخ من جانب السلطات اللبنانية بحق اللاجئين السوريين في الإجراءات القانونية الواجبة قد شكّل استهزاءً بالعدالة، ففي كل مرحلة بدءاً من التوقيف ومروراً بالاستجواب والحجز، وانتهاء بالمقاضاة في محاكمات جائرة ضربت السلطات اللبنانية عرض الحائط تماماً بالقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وختم التقرير مطالبته للسلطات اللبنانية بتفعيل قانون مكافحة التعذيب الذي أصدرته عام 2017 والذي يختص بضبط عمليات الاحتجاز والاستجواب بما يتناسب مع حقوق الإنسان إلا أن العمل به لم يتم على الإطلاق.
ولم يصدر أي رد رسمي من الحكومة اللبنانية على التقرير، إلا اللواء “أشرف ريفي” وزير العدل السابق ومسؤول جهاز الأمن الداخلي الأسبق، كان قد علّق على التقرير في تغريدة على حسابه الشخصي في تويتر قائلاً: “تقرير منظمة العفو الدولية حول التعذيب في السجون اللبنانية يُملي مراجعة القوانين وصلاحيات المحكمة العسكرية وإجراءات التحقيق لدى الضابطة العدلية التي تعتمد الأساليب البدائية، بوجود وسائل حديثة في إثبات الأدلة من الحمض النووي إلى حركة الاتصالات والكاميرات وليس انتهاءً بجهاز كشف الكذب”.