علي ياسين – أمين الشامي | شبكة مراسلي ريف دمشق
لا شك أن جرائم قوات الأسد تكثر بشكل يجعل من عملية إحصائها أمراً عسيراً، كيف لا وقد أثرت تلك الجرائم على كافة فئات السوريين في الداخل والخارج، وتعد مشكلة انخفاض الطبقة الفتية داخل البلاد وارتفاع نسب العنوسة أخطرها على الإطلاق، حيث قالت مصادر إن نسب العنوسة في صفوف الفتيات داخل الأراضي السورية وبالأخص مناطق سيطرة النظام قد ارتفعت لمعدلات خطيرة حيث وصلت إلى أكثر من 70% على أقل التقديرات.
هناك العديد من العوامل التي تفسر ازدياد نسبة العنوسة وارتفاع أعداد الإناث على الذكور، وربما من أبرزها حملات التهجير القسري التي قام بها النظام خلال العامين المنصرمين والتي أدت إلى مغادرة العديد من الشباب لبلدانهم ومناطقهم خوفاً من بطش الاعتقال العشوائي أو هرباً من الخدمة العسكرية في صفوف قوات الأسد.
وقد ذكرت مصادر خاصة من داخل العاصمة لشبكة مراسلي ريف دمشق أن غالبية الشباب المتبقين في مناطق سيطرة نظام الأسد إما ملتحقون بالخدمة العسكرية ضمن الجيش أو ضمن الأفرع الأمنية أو مختبئون في بيوتهم خوفاً من الوشاية من قبل المخبرين الذين تُدفع لهم رواتب مخصصة من أجل الإرشاد على المتهربين من الخدمة أو المطلوبين بشكل عام بتهم تتعلق بالمشاركة بالثورة على كافة أصعدتها.
المصادر تحدثت أيضاً عن ازدياد كبير في نسب عمالة الفتيات حيث وصلت نسبة العاملات في القطاعات الحكومية إلى 60٪ بالمئة ومعظمهن معيلات لأسرهن بأعمار مختلفة تبدأ من عشرين عاماً وحتى الستين بأجور لا تتعدى الثلاثين دولار شهرياً بأحسن الحالات، وقد عمدت القطاعات الحكومية إلى تفضيل الإناث كعمالة رخيصة الأجر بالإضافة إلى قيام بعض المؤسسات باختلاس مبالغ طائلة من رواتب العاملات، أما في القطاعات الخاصة فلا يختلف الوضع كثيراً حيث يقوم أصحاب الورشات بتفضيل تشغيل النسوة لتوفير راتب الذكور، فحين يصل راتب الفرد في الورشة إلى خمسين دولار شهرياً لا يكاد يتجاوز راتب الأنثى عن العشرين دولاراً فقط.
ومع ازدياد الأوضاع المعيشية سوءاً فقد تزايدت الأنشطة الممنوعة والتي رافقها انحلال أخلاقي حادّ وخصوصاً مع رعاية العديد من الضباط في نظام الأسد للاتجار بالمواد المخدرة، فقد ذكرت ذات المصادر أن العديد من تجار هذه المواد يقومون للترويج لبضاعتهم بشكل علني بين المدارس والجامعات بل وحتى القطاعات الحكومية حيث يصل سعر ال١٢ غراماً من مادة الحشيش إلى 5000 ليرة سورية، إذ لوحظ في الآونة الأخيرة ازدياد عدد المتعاطين من الرجال والنساء على حد سواء.
أما فيما يخص الأوضاع المعيشية فقد تراجعت الطبقة المتوسطة بشكل كبير حتى تكاد تكون شبه معدومة، حيث ينحدر أكثر من 65٪ من إجمالي العائلات المتبقية في العاصمة دمشق والمناطق المحيطة بها تحت خط الفقر بسبب انخفاض قيمة الرواتب المدفوعة أمام أسعار العملات الصعبة ما ينعكس سلباً على دخل الأسرة بشكل عام، مما دفع الكثير إلى اللجوء لطرق مختلفة لكسب المال، فبالوقت الذي لا يتجاوز راتب الموظف ال75000ليرة سورية تبلغ تكلفة وجبة يوم واحد 10000ليرة سورية، أي أن الراتب الذي يتقاضاه الموظف كل شهر لا يكفي إلا لأسبوع واحد في أحسن الحالات، ولعل من أبرزها السرقة في المواصلات العامة ولجوء الآلاف من الشبان إلى نشل ما في جيوب الركاب من أموال وهواتف وأي أشياء ذات قيمة من أجل سدّ رمقهم، أما البعض فبات يعمل بالأجرة على طوابير المحروقات الطويلة حيث يقوم صاحب المركبة باستئجار شاب من أجل الوقوف ضمن الدور بدلاً عنه بأجر 500 ليرة سورية على الساعة الواحدة ويلجأ أصحاب المركبات لهذه الوسائل تفادياً لإضاعة وقتهم وقضاء حاجيات أسرهم.
القطاع التعليمي لم يسلم من دائرة الفساد المنتشرة في عموم مناطق الأسد حيث أصبحت العديد من الطالبات الجامعيات فريسة لابتزازات لا تنتهي من أجل تحصيل معدلاتها المستحقة في امتحانات التخرج حيث ذكرت الطالبة “س.أ” للشبكة وهي طالبة في كلية التجارة والاقتصاد في جامعة دمشق عن محاولة أحد الأساتذة الجامعيين التحرش بها عدة مرات ونتيجة تمنعها المستمر قام بخفض معدلاتها في مادتين أساسيتين ما أدى إلى اضطرارها لإعادة السنة كاملة كانتقام منها على عدم تلبية رغباته.
ووسط كل هذه الدوامات من المتاعب اليومية والمشاق المستمرة طلباً للعيش لا بد من جهة مسؤولة عن كل ما يحصل من فساد وفقر مدقع، والحقيقة أن قوات الأسد قد أتاحت انتقاد الحكومة والوزراء وبعض من المسؤولين على الملأ، إلا أن قانون مكافحة الجرائم الاكترونية والذي يُعمل عليه منذ عدة أشهر بالمرصاد لمن يوجه أي انتقاد لبشار الأسد مهما كان، حيث تم اعتقال العشرات في الأسابيع الماضية نتيجة لمنشوراتهم على صفحات التواصل والتي اعتبرها قضاء الأسد جرماً يستحق أقسى العقوبات وبالتالي لا يجرؤ أي مدني على التفكير بالمسؤول الحقيقي عن ما يحصل من تردٍ للأوضاع على كافة الأصعدة.