الاضطراب ثنائي القطب … تعرف عليه واعرف إذا كنت مصابا

232

خديجة مصطفى | شبكة مراسلي ريف دمشق


النفس البشرية هبة من الله تعالى ومعجزة لها خفاياها وأسرارها ومازال العلم منذ القدم يعمل على كشف تلك الخبايا والأسرار ومعالجة ما يصيبها من مشاكل وأمراض.
في مقالنا هذا سنعمل على كشف مشكلة تعترض سبيل حياة الإنسان مشكلة قد تكون خفيفة التأثير تمر مرور الكرام وقد تشكل كارثة تودي بالإنسان إلى موارد الهلاك.

الاضطراب ثنائي القطب:

اضطراب منتشر لكن قلة قليلة من يعرفونه أو سمعوا به من قبل وذلك بسبب نظرة مجتمعنا للأمراض النفسية أو بسبب قلة اهتمامنا بهذه الناحية من الأمراض والاضطرابات، ولهذا الاضطراب كما لغيره من الأمراض أعراض ومسببات وبالتأكيد له طرق علاج أيضا.
وقد ذكر الكاتب السعودي عمر الرديني في كتابه غوى وصفا دقيقا لحالته النفسية الداخلية إذ أنه مصاب باضطراب ثنائي القطب :
<<لا تخبر أحدهم بما يحدث في الداخل … الإنسان هناك يصارع للحياة وليس لإخبارهم ، ما حدث وما يحدث في … هو جزء من الماضي ليس إلا .. وكل ما عليك أن تقرأ الألم الذي يغمد أجسادنا في الماضي كترياق لتخفيف وطأته عندما يداهمنا >> “الرديني،2017،صفحة 5”

ما هو الاضطراب ثنائي القطب:

إن للاكتئاب ثنائي القطب تعريفات عديدة نذكر منها:

عرفه حامد عبد السلام أنه “مرض ذهاني يشاهد فيه الاضطراب الانفعالي المتطرف ، وتتوالي فيه دورات متكررة من الهوس والاكتئاب ، أو يكون خليطا من أدوار الهوس والاكتئاب ، وهو من أوائل الإضرابات التي تعرف عليها القدماء المصريين والإغريق حيث تم تعريفه باسم جنون الهوس والكآبة والجنون الدوري”

وقال عنه الميلادي عبد المنعم “حالة من الاكتئاب وعكس الاكتئاب الجسيم يتسم بحدوث نوبة أو أكثر من الهوس مع نوبة اكتئاب جسيمة واحدة أو أكثر ، حيث تتناوب نوبات الاكتئاب مع نوبات المرح والنشاط الزائد مع وجود نفس أعراض الاكتئاب الجسيم ،ولكن يعقبها فترة زمنية يعود فيها المريض إلى حالته الطبيعية تماما – شهر ، سنة ، عدة سنوات – يصاب المريض بنوبة مرح حادة أو تحت الحادة ثم يعود لحالته الطبيعية ثم تعاوده نوبة اكتئاب او نوبة مرح وهكذا”.
نجد مما سبق أن اضطراب ثنائي القطب اضطراب مزاجي يتراوح بين المرح الغير طبيعي أو ما يعرف بالهوس وبين الكآبة الغير مبررين وبنسبة تصل إلى حد يخالف الطبيعة البشرية فتحول إلى مرض نفسي لأنه يؤدي إلى تحولات جذرية في مزاج المصاب ويمنعه من التفكير الواضح والسليم.

أسبابه:
كما جميع الأمراض سريرية كانت أو نفسية فإن لموضوع حديث مقالنا مسببات عدة وقد اختلف الدارسون في بعض منها
فنجد أن أهم أسبابه:
أسباب وراثية: تشير الدراسات أن 85% من حالات الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب تعود لعوامل وراثية، حيث أن خطورة الإصابة لدى أقارب المصابين بهذا الاضطراب من الدرجة الأولى أكبر بعشر مرات من العينة الإحصائية العامة للدراسة … لكن لم يتم تحديد الجين المسؤول عن هذا الاضطراب.
أسباب بيئية: كالضغط النفسي المستمر لفترة طويلة، أو حالة الصدمة الحادة كفقدان فرد من العائلة أو الإفراط في تناول المخدرات والكحول … الإساءة في مرحلة الطفولة أيضا ربما تكون سببا لهذا الاضطراب.
أسباب كيميائية: كالتغييرات على الدماغ بسبب بعض الأدوية أو أمراض بدنية قد تكون سببا محتملا أيضا.
أعراض الاضطراب ثنائي القطب:
أما عن أهم الأعراض التي قد نلاحظها على المصابين فهي تتشابه مع أعراض الكثير من الأمراض النفسية الأخرى كالفصام وترتبط أعراضه بالحالة المزاجية التي يعيشها المريض ويمكننا تصنيف أعراض هذا الاضطراب وفق الحالة المزاجية للمريض؛ ففي حالة (الهوس أو الهوس الخفيف) وهما نوعان من الهوس يمكن تمييزهما بحسب الحالة يمكننا ملاحظة مايلي :
فرط نشاط وطاقة عالية وإثارة مرتفعة (هيجان نفسي حركي)
شعور مبالغ فيه من الثقة بالنفس أو العظمة مع عدم المقدرة على إتمام المهام.
انخفاض الحاجة إلى النوم وسوء في اتخاذ القرارات كالقيام باستثمارات حمقاء أو تبذير الأموال.
ثرثرة كثير جدا مع تشتت وتسارع في الأفكار
استثارة جنسية غير طبيعية في بعض الحالات.

أما في حالة نوبة الاكتئاب الحاد فيمكننا تمييز الاعراض التالية:
حالة مزاجية سيئة من الشعور باليأس والحزن والفراغ.
الانخراط في نوبات بكاء غير مبررة في بعض الحالات.
فقدان ملحوظ في الاهتمام بالأنشطة والانعزال والوحدة.
كثرة النوم والأرق الإعياء وفقدان الطاقة.
انخفاض القدرة على التركيز والتفكير في الانتحار أو التخطيط له.
لوم الذات وانخفاض تقدير الذات مع شعور غير مبرر بالذنب.
فقدان مهارات التواصل وترتيب الكلام.
كما يجب الإشارة إلى ناحية مهمة أنه من الممكن أن يتعرض مريض اضطراب ثنائي القطب لنوبة مختلطة من الهوس والكآبة وهذه الحالة تستدعي الذهاب إلى المستشفى لمعالجتها إذ تصبح خطرة على المريض نفسه ، ويجب التنويه إلى أن هذه الاعراض ليست لحالة واحدة من المصابين فقد قامت البحوث بتحديد عدة أنواع لهذا الاضطراب.
علاج ثنائي القطب:
هناك علاجان لهذا المرض العلاج الطبي:
ويتمثل بأدوية تثبيت المزاج – الادوية المضادة للذهان – مضادات الاختلاج – ةانواع معينة من مضادات الاكتئاب – والدواء الأشهر “الليثيوم”
في بعض الحالات يتوقفون عن وصف الادوية الطبية بسبب اعراضها الجانبية االسيئة.
العلاج النفسي: العلاج المعرفي السلوكي وهو الأبرز في اضطراب ثنائي القطب حيث يركز على المعتقدات والسلوكيات السلبية غير الصحيحة وتقويمها واستبدالها ومحاولة تأمين نظام حياة صحي لمساعدة المريض على استعادة اتزانه
وقد تستخدم علاجات التخليج الكهربي عندما لا تنفع مثبتات المزاج ومضادات الاكتئاب.
كما يكن ان يساعد العلاج بالضوء وممارسة الرياضة  وممارسة الاسترخاء.
تقول الدراسات أن اضطراب ثنائي القطب هو سادس سبب للاعاقة على مستوى العالم تكمن خطرته الزائدة أن المريض قد يمتنع عن تعاطي العلاج لعدم اقتناعه أنه مريض أساسا.
إضافة الى أن هذا الاضطراب قد يودي بالمريض الى الانتحار أو ايذات الذات لذلك كان من الأهمية بمكان السعي لتشخيصه في وقت مبكر والبدء في علاجه.
كما يجب على المنظمات والهيئات المعنية القيام بحملات توعية إذ ان المريض النفسي ليس لعنة على اهله بل هو كما كل المرضى بحاجة لمن يسانده ويشد أزره ويدفعه ليتخطى أزماته ويتلقى علاجه بشكل تام لأن التخلي عنه او النظر له على انه عبء سيزيد من تفاقم حالاته ويدفعه للأسوء.

قد يعجبك ايضا