أحلام للبيع

138

ريما خطاب | شبكة مراسلي ريف دمشق

على أرصفة المعجزات فرشت أحلامها، بغية بيعها، فهي لم تأخذ منها سوى التعب والألم.
سنون عمرها العديدة التي قضتها بالسعي لتحقيقها وجعلها واقعا تتنعم في جنانه، ضاعت دون أن تصل إلى مبتغاها.
حبست دموع عينيها الحزينتين على فراق أحلامها،
راحت تنادي بصوت مرتجف:

أحلام….أحلام للبيع، من يشتري الأحلام ؟!!..
يقترب أول زبون من بسطتها، شاب في مقتبل العمر يبدو على هيئته أنه شخص متعلم ومثقف.

بكم الحلم؟..

لكل حلم سعر مختلف يا أستاذ… أي الأحلام تريد؟.

أريد حلم حقوق الإنسان، أنا شاب درست وتعلمت لأعمل في وطني بما تعلمته،
ومن حقي أن أجني ثمار تعب سنين العمر.

نعم يا أستاذ هو أول أحلامي التي سأبيعها،
فأنا لم أجن منها شيئا،
خذها ولا أريد منك ثمنها…
اقترب من البسطة طفل في العاشرة من عمره:

أريد حلم الأمن والسلام،
حلم وطن بدون حروب، لأعيش طفولتي، بلا خوف ولا تشرد ولا جوع،
غلفت له الحلم الذي اختار، قدمته له،

انتبه له جيدا كيلا يسقط منك كما سقط مني،
وحرمت بسبب ضياعه طفولتي البريئة….
صوت عكازته سبقته إليها، فخطاه كانت بطيئة، وأنفاسه تكاد تنتهي، انحناءة ظهره توحي بأنه في السبعين من عمره:

هل يوجد عندك حلم الأمجاد ياابنتي؟.
عصر البطولات والانتصارات؟
أريد أن أمضي ماتبقى لي في هذه الحياةبمسرات هذا الحلم،
فقد أتعبتني سنوات النكسات والانكسارات، أرهقتني أوضاعنا المخزية،
الفرقة، والخذلان، وموت الضمير العربي….
في كيس بلاستيكي ملون بأزهار الربيع، طغى عليه اللون الأحمر كلون الدماء،
وضعت الحلم العربي:

أمسك ياعماه هذا حلمك، أرجو أن تجد فيه ضالتك، وتعود الأمجاد والانتصارات، ويصحو كل ضمير من غفلته….

سواد ثيابها يخبر عما عانت من قهر وظلم، امرأة في عقدها الرابع، رسمت على محياها مآسي و أحزان الكون،

بكم حلم الأمان؟،
أريد الأمان لأطفالي حين يخرجون للعب، فلا أخشى أن يعودوا لي ممزقين أشلاء،
وأمانا لابني المعتقل. فأنا أموت لتخيلي مايكابده في ظلمة السجون،
أما زوجي الشهيد فلا حاجة لي بالأمان من أجله، فهو في رحمة الله،
وأي أمان بعد أمان الله.
بالشاش الأبيض المزين باللون الأحمر، راحت تلف لها الحلم،
ياخالة فحلمك شفاف ورقيق، ضميه إلى صدرك كي لا تعبث به الأهوال….
في المساء جمعت باقي الأحلام وحملت بسطتها وعادت للبيت،
وضعت رأسها المرهق من عواصف الأفكار، أغمضت عيينها وغابت في عالم جديد من الأحلام.

قد يعجبك ايضا